للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي، فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا، فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ، وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ وَيَقْنَعَ بِهَا مُسْتَوْفِيهَا.

ــ

[مغني المحتاج]

(وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (الْجَانِي) أَوْ شُلَّتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ تُفْهِمْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ وَقْتَهَا (فَلَوْ) خَالَفَ صَاحِبُ الشَّلَّاءِ وَ (فَعَلَ) الْقَطْعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْجَانِي (لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ (بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) وَلَهُ حُكُومَةُ يَدِهِ الشَّلَّاءِ (فَلَوْ سَرَى) الْقَطْعُ (فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ) لِتَوْفِيَتِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ فَعَلَهُ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: اقْطَعْهَا وَلَمْ يَقُلْ: قِصَاصًا فَقَطَعَهَا كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ الْجَانِي بِالسِّرَايَةِ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْقَطْعِ، وَإِنْ قَالَ اقْطَعْهَا قِصَاصًا فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ قِصَاصًا، بَلْ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا قَطَعَهُ، وَعَلَى الْجَانِي الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْدِلْ عُضْوَهُ مَجَّانًا.

وَالثَّانِي يَقَعُ وَكَأَنَّ الْجَانِيَ أَدَّى الْجَيِّدَ عَنْ الرَّدِيءِ وَقَبَضَهُ الْمُسْتَحِقُّ. أَمَّا إذَا سَرَى الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ فَإِنَّ الصَّحِيحَةَ تُقْطَعُ بِالشَّلَّاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ النَّفْسُ مُسْتَحِقَّةَ الْإِزْهَاقِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الصَّحِيحَةَ تُؤْخَذُ بِالشَّلَّاءِ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ تَنْحَسِمْ الْعُرُوقُ وَيُطْرَدُ ذَلِكَ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ رِعَايَةُ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْأَطْرَافِ فَتُؤْخَذُ كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ بِنَاقِصَتِهَا أَوْ فَاقِدَتِهَا كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْمُمَاثَلَةِ.

(وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِشَلَّاءَ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ، وَلَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا اسْتَوَيَا فِي الشَّلَلِ، أَوْ كَانَ شَلَلُ الْجَانِي أَكْثَرَ وَلَمْ يَخَفْ نَزْفَ الدَّمِ، وَإِلَّا فَلَا تُقْطَعُ، وَتُقْطَعُ أَيْضًا (بِالصَّحِيحَةِ) كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ عَدْلَانِ مِنْهُمْ، وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعٍ (لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ) بَلْ تَنْفَتِحُ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ وَلَا تَنْسَدُّ بِحَسْمِ النَّارِ وَلَا غَيْرِهِ فَلَا تُقْطَعُ بِهَا وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأُمُّ حَذَرًا مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ بِالطَّرَفِ، فَإِنْ قَالُوا: يَنْقَطِعُ الدَّمُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (يَقْنَعُ بِهَا مُسْتَوْفِيهَا) بِأَنْ لَا يَطْلُبَ أَرْشًا لِلشَّلَلِ فَيُقْطَعُ حِينَئِذٍ بِالصَّحِيحَةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجُرْمِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تُقَابَلُ بِمَالٍ، وَلِذَا لَوْ قُتِلَ الذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ أَوْ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ لَمْ يَجِبْ لِفَضِيلَةِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ شَيْءٌ، وَيُخَالِفُ مَا لَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا حَيْثُ تُؤْخَذُ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ تُفْرَدُ بِالْقِصَاصِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قُدِّمَ قَوْلُهُ: وَيَقْنَعَ بِهَا مُسْتَوْفِيهَا عَلَى قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَقُولَ إلَخْ لَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْتُهُ.

وَلَوْ قَطَعَ الْأَشَلُّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَحَّ الْقَاطِعُ لَمْ يُقْطَعْ لِوُجُودِ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ عِنْدَ الْجِنَايَةِ، لَا عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ جَنَى ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَانِي فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ إذَا عَادَتْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَزُلْ، فَفِي الْحَقِيقَةِ مَا اعْتَبَرْنَا إلَّا حَالَةَ الْجِنَايَةِ.

وَلَوْ قَطَعَ سَلِيمٌ يَدَ أَوْ رِجْلَ أَشَلَّ أَوْ نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ ثُمَّ شَلَّتْ بِفَتْحِ الشِّينِ يَدُهُ فِي الْأُولَى، وَنَقَصَتْ الْأُصْبُعُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تُقْطَعْ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>