للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقْطَعُ سَلِيمٌ بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ، وَلَا أَثَرَ لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا، وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ بِسَلِيمَتِهَا دُونَ عَكْسِهِ.

وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا كَالْيَدِ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْجِنَايَةِ وَتُقْطَعُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي لِأَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا بِمَا عَدَا الْأُصْبُعَ الْمَذْكُورَةَ عِنْدَ الْجِنَايَةِ، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ قَطَعَ كَامِلُ أُصْبُعِ الْوُسْطَى مِنْ فَاقِدِ عُلْيَا تِلْكَ الْأُصْبُعِ ثُمَّ سَقَطَتْ عُلْيَاهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُمَاثِلًا لَهُ.

(وَيُقْطَعُ) عُضْوٌ (سَلِيمٌ بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ) إذْ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ، وَالْعَسَمُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ، وَهُوَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَبَعًا لِجُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ: تَشَنُّجٌ فِي الْمِرْفَقِ، أَوْ قِصَرٌ فِي السَّاعِدِ أَوْ الْعَضُدِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: هُوَ مَيْلٌ وَاعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: الْأَعْسَمُ هُوَ الَّذِي بَطْشُهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرُ، وَهُوَ الْأَعْسَرُ فِي الْعُرْفِ (وَلَا أَثَرَ) فِي الْقِصَاصِ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا) ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الظُّفْرِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ ذَلِكَ فِي عِلَّةِ الظُّفْرِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ خِلْقَةً وَلَمْ يَكُنْ جَافًّا وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ الْمُتَوَلِّي، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الثَّانِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ. وَتُقْطَعُ فَاقِدَةُ الْأَظْفَارِ بِفَاقِدَتِهَا، وَلَوْ نَبَتَتْ أَظْفَارُ الْقَاطِعِ لَمْ يُقْطَعْ لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ يَدَ الْجَانِي لَوْ نَبَتَ فِيهَا أُصْبُعٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ يُقْطَعْ (وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ بِسَلِيمَتِهَا) لِأَنَّهَا دُونَهَا (دُونَ عَكْسِهِ) لِأَنَّ الْكَامِلَ لَا يُؤْخَذُ بِالنَّاقِصِ.

تَنْبِيهٌ: اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ عِبَارَتَهُ تَقْتَضِي طَرْدَ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأُولَى لَا خِلَافَ فِيهَا، وَالثَّانِيَةَ فِيهَا احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، لَا وَجْهٌ، فَجَعَلَهُ وَجْهًا وَعَبَّرَ فِيهَا بِالصَّحِيحِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا تُقْطَعُ سَلِيمَةُ أَظْفَارِهَا بِذَاهِبَتِهَا دُونَ عَكْسِهِ كَانَ أَظْهَرَ وَأَخْصَرَ.

الثَّانِي تَعْبِيرُهُ بِذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ يَقْتَضِي زَوَالَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا صَوَّرَهَا بِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ ظُفْرٌ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَاهِبَتِهَا وَبَيْنَ الْمَخْلُوقَةِ بِدُونِهَا، وَإِذَا قُطِعَتْ ذَاهِبَةُ الْأَظْفَارِ بِالسَّلِيمَةِ كَانَ لِصَاحِبِ السَّلِيمَةِ حُكُومَةُ الْأَظْفَارِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَبَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ.

(وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا كَالْيَدِ) صِحَّةً وَشَلَلًا فِيمَا مَرَّ جَمِيعُهُ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ فِي قَطْعِ الذَّكَرِ وَفِي قَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ وَفِي إشْلَالِهِمَا الْقِصَاصُ، سَوَاءٌ أَقَطَعَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا أَمْ مُرَتِّبًا، وَفِي إشْلَالِ إحْدَاهُمَا إنْ عُلِمَ سَلَامَةُ الْأُخْرَى بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَلَوْ دَقَّهُمَا اقْتَصَّ بِمِثْلِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الدَّقُّ كَكَسْرِ الْعِظَامِ.

تَنْبِيهٌ: صِحَّةً وَشَلَلًا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ مِنْ الذَّكَرِ، وَلَكِنَّ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ خِلَافُ مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>