للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ اسْتَقَلَّ عُزِّرَ، وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ فِي نَفْسٍ، لَا فِي طَرَفٍ فِي الْأَصَحِّ.

فَإِنْ أَذِنَ فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا عُزِّرَ وَلَمْ يَعْزِلْهُ، وَلَوْ قَالَ: أَخْطَأْت وَأَمْكَنَ عَزْلُهُ لَمْ يُعَزَّرْ.

وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ

ــ

[مغني المحتاج]

ثَالِثُهَا: إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُضْطَرًّا فَلَهُ قَتْلُهُ قِصَاصًا وَأَكْلُهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهِ.

(فَإِنْ اسْتَقَلَّ) مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْرِ مَا اُسْتُثْنِيَ اُعْتُدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَ (عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالْمَنْعِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى، وَلَوْ قَتَلَ الْجَانِي بِكَالٍّ وَلَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِمَسْمُومٍ كَذَلِكَ عُزِّرَ، وَإِنْ اسْتَوْفَى طَرَفًا بِمَسْمُومٍ فَمَاتَ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ السُّمُّ مُوَحِّيًا لَزِمَهُ الْقِصَاصُ (وَيَأْذَنُ) الْإِمَامُ أَوْ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ (لِأَهْلٍ) مِنْ مُسْتَحِقِّي الْقِصَاصِ فِي اسْتِيفَائِهِ بِنَفْسِهِ (فِي نَفْسٍ) إذَا طَلَبَ ذَلِكَ لِيَكْمُلَ لَهُ التَّشَفِّي، وَاحْتَرَزَ بِالْأَهْلِ عَنْ غَيْرِهِ كَالشَّيْخِ وَالزَّمِنِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ لِمَا فِي اسْتِيفَائِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ التَّعْذِيبِ، وَعَمَّا إذَا قَتَلَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الْوَارِثُ الذِّمِّيُّ مِنْ الْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ فِي الِاسْتِيفَاءِ مِنْ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمٍ، وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فِي الِاسْتِيفَاءِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُغَاةِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَدُوَّ الْجَانِي لِمَا يُخْشَى مِنْهُ مِنْ الْحَيْفِ، وَ (لَا) يَأْذَنُ لِأَهْلٍ (فِي طَرَفٍ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ الْحَيْفُ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ مَثَلًا فَيَسْرِي أَوْ يَزِيدُ فِي التَّعْذِيبِ وَالثَّانِي: يَأْذَنُ لَهُ كَالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ إبَانَةَ الطَّرَفِ مَضْبُوطَةٌ، وَلَا يَأْذَنُ أَيْضًا فِي حَدِّ قَذْفٍ، فَإِنَّ تَفَاوُتَ الضَّرَبَاتِ كَثِيرٌ، وَهُوَ حَرِيصٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي التَّعْزِيرِ

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمَنَافِعِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الطَّرَفِ، فَإِذَا قَلَعَ عَيْنَهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ بِالْقَلْعِ، بَلْ يُؤْمَرُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي التَّصْحِيحِ (فَإِنْ أَذِنَ) مَنْ مَرَّ لِأَهْلٍ فِي الِاسْتِيفَاءِ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا) كَأَنْ ضَرَبَ كَتِفَهُ (عَمْدًا) بِأَنْ اعْتَرَفَ بِهِ (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) الْإِمَامُ فِي الْأَصَحِّ لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ تَعَدَّى بِفِعْلِهِ، وَقِيلَ يَعْزِلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَتَعَدَّى ثَانِيًا.

(وَلَوْ قَالَ: أَخْطَأْت وَأَمْكَنَ) الْخَطَأُ عَادَةً كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ مِمَّا يَلِي الرَّقَبَةَ (عَزَلَهُ) ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُخْطِئَ ثَانِيًا (وَلَمْ يُعَزَّرْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ أَخْطَأَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَاحْتُرِزَ بِأَمْكَنَ عَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَطَأَ فِيمَا لَا يَقَعُ الْخَطَأُ بِمِثْلِهِ كَمَا إذَا ضَرَبَ رِجْلَهُ أَوْ وَسَطَهُ فَإِنَّهُ يُلْتَحَقُ بِالْعَمْدِ.

تَنْبِيهٌ: مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْعَزْلِ مَخْصُوصٌ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ بِمَنْ لَمْ تُعْرَفْ مَهَارَتُهُ فِي ضَرْبِ الرِّقَابِ. أَمَّا هُوَ فَلَا يُعْزَلُ لِخَطَأٍ اتَّفَقَ لَهُ.

(وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَهُوَ الْمَنْصُوبُ لِاسْتِيفَائِهِمَا، وَصْفٌ بِأَغْلَبِ أَوْصَافِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُقْتَصِّ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>