وَإِنْ قَالَ: جَعَلْتُهَا عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْتُ إجْزَاءَهَا فَكَذَّبَهُ فَالْأَصَحُّ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ، وَتَجِبُ دِيَةٌ، وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ دُهِشْتُ فَظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ. وَقَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِمُبَاشَرَةِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْقَطْعِ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ كَمَا سَبَقَ، وَصَوَّرَهَا الْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ. الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ الْمُخْرِجُ جَعْلَهَا عَنْ الْيَمِينِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتُهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ (عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْتُ إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْقَاطِعُ فِي هَذَا الظَّنِّ وَقَالَ: بَلْ عَرَفْتُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ الْيَمِينِ (فَالْأَصَحُّ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) سَوَاءٌ قَالَ الْقَاطِعُ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ أَنَّهَا الْيَمِينُ أَمْ عَلِمْتُ أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، أَوْ قَطَعْتُهَا عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا لِشُبْهَةِ بَذْلِهَا؛ لِأَنَّا أَقَمْنَا ذَلِكَ مَقَامَ إذْنِهِ فِي الْقَطْعِ، وَهُوَ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ (وَتَجِبُ دِيَةٌ) فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا، وَالثَّانِي يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَهُوَ فِي الْأُولَى احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ مُقَابِلِهِ فِي الثَّانِيَةِ بِالْمَذْهَبِ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِالْأَصَحِّ، وَفِي الرَّابِعَةِ بِالصَّحِيحِ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْحَالِ الثَّانِي لَيْسَ مُطَابِقًا لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ قَالَ: قَصَدْتُ إيقَاعَهَا عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْتُهَا تُجْزِئُ عَنْهَا، وَقَالَ الْقَاطِعُ: عَرَفْتُ أَنَّ الْمُخْرَجَ الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَصَحِّ، وَمُرَادُهُ عَرَفْتُ بِضَمِّ التَّاءِ لِلْمُتَكَلِّمِ. فَظَنَّ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا بِفَتْحِ التَّاءِ لِلْخِطَابِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّكْذِيبِ، قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَ تَنَازُعِهِمَا، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي هَذَا الْقِسْمِ كُلِّهِ ظَنُّ الْقَاطِعِ أَوْ عِلْمُهُ. الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ يَجِبُ قِصَاصُ الْيَسَارِ. وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) فِي الْأُولَى قَطْعًا، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِي الثَّالِثَةِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّلَاثَةِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَلَا عَفَا عَنْهُ. أَمَّا الرَّابِعَةُ فَيَسْقُطُ فِيهَا، وَلِكُلٍّ دِيَةُ مَا قَطَعَ الْآخَرُ، فَلَوْ سَرَى الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ وَجَبَ دِيَتُهَا وَتَدْخُلُ فِيهَا الْيَسَارُ، قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: الْحَالُ الثَّالِثُ لِلْمُخْرِجِ أَنْ يَقُولَ: دُهِشْتُ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا لَوْ ٣٨٧ قَالَ) الْمُخْرِجُ (دُهِشْتُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهُ وَكَسْرُ ثَانِيهِ، مِنْ الدَّهْشَةِ وَهِيَ الْحِيرَةُ (فَظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ) أَوْ قَالَ: ظَنَنْتُهُ قَالَ أَخْرِجْ يَسَارَكَ (وَقَالَ الْقَاطِعُ) الْمُسْتَحِقُّ أَيْضًا (ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ) فَالْمَذْهَبُ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ، وَتَجِبُ دِيَتُهَا إلَّا إذَا قَالَ: ظَنَنْتُ إبَاحَتَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute