مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً: أَيْ حَامِلًا، وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ: عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنُو لَبُونٍ وَحِقَاقٌ، وَجِذَاعٌ.
فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ
أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ
ــ
[مغني المحتاج]
يُنْقِصُهَا، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ: الْأُنُوثَةُ، وَالرِّقُّ، وَقَتْلُ الْجَنِينِ، وَالْكُفْرُ، فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهَا إلَى الشَّطْرِ، وَالثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ إلَى الْغُرَّةِ، وَالرَّابِعُ إلَى الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ، وَكَوْنُ الثَّانِي أَنْقَصَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ الْقِيمَةُ عَلَى الدِّيَةِ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (مُثَلَّثَةٌ فِي) قَتْلِ (الْعَمْدِ) سَوَاءٌ أَوَجَبَ فِيهِ قِصَاصٌ وَعُفِيَ عَنْهُ أَمْ لَا كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَالْمُرَادُ بِتَثْلِيثِهَا جَعْلُهَا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَزْيَدَ مِنْ بَعْضٍ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً أَيْ حَامِلًا) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ، فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: كَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي، وَحَالَّةٌ، وَمِنْ جِهَةِ السِّنِّ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِدِيَةِ النَّفْسِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ بِثُلُثِ الْمُقَدَّرِ فِي الْعَمْدِ فِي غَيْرِ النَّفْسِ كَالطَّرَفِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ، وَالْخَلِفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ وَلَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَلْ مِنْ مَعْنَاهَا وَهُوَ مَخَاضٌ كَامْرَأَةٍ وَنِسَاءٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُهَا خَلِفٌ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَابْنُ سِيدَهْ خَلِفَاتٌ. (وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ: عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ، وَبَنُو لَبُونٍ، وَحِقَاقٌ، وَجِذَاعٌ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ إجْزَاءَ عِشْرِينَ حِقًّا وَعِشْرِينَ جَذَعًا وَلَا قَائِلَ بِهِ، فَإِنَّ الْحِقَاقَ وَإِنْ أُطْلِقَتْ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، فَإِنَّ الْجِذَاعَ مُخْتَصَّةٌ بِالذُّكُورِ، وَجَمْعُ الْجَذَعَةِ جَذَعَاتٌ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَذِهِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: كَوْنُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَمُؤَجَّلَةً، وَمِنْ جِهَةِ التَّخْمِيسِ.
وَيَغْلُظُ الْخَطَأُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَوَّلُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ) فَإِنَّهَا تُثَلَّثُ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي الْأَمْنِ بِدَلِيلِ إيجَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِيهِ، أَمْ أُصِيبُ الْمَقْتُولُ فِيهِ وَرُمِيَ مِنْ خَارِجِهِ، أَمْ قَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ هَوَاءَ الْحَرَمِ وَهُمَا بِالْحِلِّ، أَوْ كَانَ بَعْضُ الْقَاتِلِ أَوْ الْمَقْتُولِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِلْحَاقِ بِالصَّيْدِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. نَعَمْ الْكَافِرُ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِهِ، فَلَوْ دَخَلَهُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ فَهَلْ تُغَلَّظُ بِهِ أَوْ يُقَالُ هَذَا نَادِرٌ؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ، وَبِمَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَثَانِيهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَتَلَ فِي (الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: ذِي الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ (وَذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا، وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْأَوَّلِ، وَلِوُقُوعِ الْحَجِّ فِي الثَّانِي (وَالْمُحَرَّمِ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ، وَقِيلَ لِتَحْرِيمِ الْجَنَّةِ فِيهِ عَلَى إبْلِيسَ، حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ وَدَخَلَتْهُ اللَّامُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute