فَلَوْ فَقَأَهَا لَمْ يَزِدْ.
وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَهُ سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، أَوْ يُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً، وَنُظِرَ هَلْ يَنْزَعِجُ؟
وَإِنْ نَقَصَ فَكَالسَّمْعِ.
ــ
[مغني المحتاج]
فَائِدَةٌ: الْبَصَرُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ قُوَّةٌ أَوْدَعَهَا اللَّهُ فِي الْعَصَبَتَيْنِ الْمُجَوَّفَتَيْنِ الْخَارِجَتَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِ الدِّمَاغِ ثُمَّ تَنْعَطِفُ الْعَصَبَةُ الَّتِي مِنْ الْجِهَةِ الْيُمْنَى إلَى الْجِهَةِ الْيُسْرَى، وَاَلَّتِي مِنْ الْيُسْرَى إلَى الْيُمْنَى حَتَّى يَتَلَاقَيَا، ثُمَّ تَأْخُذُ الَّتِي مِنْ الْجِهَةِ الْيُمْنَى يَمِينًا، وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْيُسْرَى يَسَارًا حَتَّى تَصِلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى عَيْنٍ تُدْرِكُ بِتِلْكَ الْقُوَّةِ الْأَلْوَانَ وَغَيْرَهَا. وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَإِدْرَاكُ مَا ذُكِرَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ إدْرَاكَ مَا ذُكِرَ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ تِلْكَ الْقُوَّةِ (فَلَوْ فَقَأَهَا لَمْ يَزِدْ) عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ بِخِلَافِ إزَالَةِ الْأُذُنِ مَعَ السَّمْعِ لِمَا مَرَّ.
(وَإِنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) أَيْ الضَّوْءِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) بِذَلِكَ: أَيْ عَدْلَانِ مِنْهُمْ مُطْلَقًا، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إنْ كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ مَوْجُودٌ، بِخِلَافِ السَّمْعِ لَا يُرَاجَعُونَ فِيهِ، إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَيْهِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ فِي مَعْرِفَةِ زَوَالِهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ يُمْتَحَنُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ) مُحْمَاةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (مِنْ عَيْنَيْهِ بَغْتَةً وَنُظِرَ هَلْ يَنْزَعِجُ) أَوْ لَا؟ فَإِنْ انْزَعَجَ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَعَلَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ خِلَافًا فَقَالَ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ: يُرَاجَعُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إلَخْ.
وَالثَّانِي: يُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ إلَخْ وَرَتَّبَ فِي الْكِفَايَةِ فَقَالَ يُسْأَلُونَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ اُمْتُحِنَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَإِذَا جُعِلَتْ " أَوْ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ: أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَيُنْقَلُ إلَى الِامْتِحَانِ وَافَقَ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ قَالُوا: يَعُودُ وَقَدَّرُوا مُدَّةً اُنْتُظِرَ كَالسَّمْعِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عَوْدِهِ فِي الْمُدَّةِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ عَوْدِهِ لَوْ عَاشَ، وَهَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ، وَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ الثَّانِي لِلشُّبْهَةِ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ ادَّعَى الْجَانِي عَوْدَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ صُدِّقَ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ.
(وَإِنْ نَقَصَ) ضَوْءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَكَالسَّمْعِ) أَيْ فَحُكْمُهُ كَنَقْصِ السَّمْعِ فَإِنْ عَرَفَ قَدْرَ النَّقْصِ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ نِصْفِهَا مَثَلًا فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، فَإِنْ نَقَصَ بَعْضُ ضَوْءِ عَيْنِهِ عُصِبَتْ وَوَقَفَ شَخْصٌ فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُ وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ حَتَّى يَقُولَ: لَا أَرَاهُ، فَتُعْرَفُ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبُ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ الشَّخْصُ بِأَنْ يَقْرَبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيُضْبَطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيَجِبَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ أَبْصَرَ بِالصَّحِيحَةِ مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ مَثَلًا وَبِالْأُخْرَى مِنْ مِائَةٍ فَالنِّصْفُ. نَعَمْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ الْمِائَةَ الثَّانِيَةَ تَحْتَاجُ إلَى مِثْلِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمِائَةُ الْأُولَى لِقُرْبِ الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute