للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الصَّوْتِ دِيَةٌ.

فَإِنْ أَبْطَلَ مَعَهُ حَرَكَةَ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ، وَقِيلَ دِيَةٌ.

وَفِي الذَّوْقِ دِيَةٌ، وَيُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَخْرَسِ، وَلَوْ قَطَعَ لِسَانًا ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ مَثَلًا بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ شَيْءٍ مِنْهُ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ قَطَعَ جَمِيعَ اللِّسَانِ مَعَ بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبْعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبْعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ.

الشَّيْءُ السَّادِسُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَفِي) إبْطَالِ (الصَّوْتِ) مَعَ إبْقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (دِيَةٌ) لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ " مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ الدِّيَةُ " وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ: مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ فِي غَرَضِ الْإِعْلَامِ وَالزَّجْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ، وَحُمِلَ كَلَامُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَلَى الْكَلَامِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ.

(فَإِنْ أَبْطَلَ مَعَهُ) أَيْ الصَّوْتِ (حَرَكَةَ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِالتَّفْوِيتِ كَمَالُ الدِّيَةِ (وَقِيلَ دِيَةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْكَلَامُ لَكِنَّهُ يَفُوتُ تَارَةً بِبُطْلَانِ الصَّوْتِ، وَأُخْرَى بِعَجْزِ اللِّسَانِ عَنْ الْحَرَكَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا مُقْتَضَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَذْهَبَ بِإِبْطَالِ الصَّوْتِ النُّطْقَ وَاللِّسَانُ سَلِيمُ الْحَرَكَةِ وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعْطِيلَ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ كَإِبْطَالِهَا، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إيجَابُ حُكُومَةٍ لِتَعْطِيلِ النُّطْقِ.

الشَّيْءُ السَّابِعُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَفِي) إبْطَالِ (الذَّوْقِ) بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ (دِيَةٌ) لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ فَأَشْبَهَ الشَّمَّ.

تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهِ هَلْ هُوَ فِي طَرَفِ الْحُلْقُومِ أَوْ فِي اللِّسَانِ؟ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ فِي قَطْعِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَذْهَبْ الذَّوْقُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي اللِّسَانِ ذَهَبَ وَلَا بُدَّ، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِالثَّانِي، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْحُكَمَاءُ لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: هُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الطُّعُومُ بِمُخَالَطَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ بِالْمَطْعُومِ وَوُصُولِهَا لِلْعَصَبِ، وَعِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْإِدْرَاكَ الْمَذْكُورَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ مَا ذُكِرَ عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يَكُونَ كَالنُّطْقِ مَعَ اللِّسَانِ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِّسَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنْوَاعَ الطُّعُومِ وَاقْتَصَرَ كَالْأَصْحَابِ مِنْهَا عَلَى خَمْسَةٍ، فَقَالَ (وَيُدْرَكُ بِهِ) أَيْ الذَّوْقِ (حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَفَرَّعَهَا أَهْلُ الطِّبِّ إلَى ثَمَانِيَةٍ، وَلَا تَعْتَبِرُهَا فِي الْأَحْكَامِ لِدُخُولِ بَعْضِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>