للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَدِيَةٌ، وَقِيلَ قِسْطٌ أَوْ بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ دِيَةٌ.

وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكْسٌ فَنِصْفُ دِيَةٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَى اللِّسَانِ، وَبِهِ يَسْتَقِيمُ النُّطْقُ وَيَكْمُلُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ فَهَلْ يَجِبُ أَرْشُهُمَا مَعَ دِيَةِ الشَّفَتَيْنِ أَوْ لَا؟ . وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ، وَيَضْمَنُ أَرْشَ حَرْفٍ فَوَّتَتْهُ ضَرْبَةٌ أَفَادَتْهُ حُرُوفًا لَمْ يَكُنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ النُّطْقِ بِهَا وَلَا يَنْجَبِرُ الْفَائِتُ بِمَا حَدَثَ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ، وَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الْحُرُوفِ وَفِيهَا الْحُرُوفُ الْمُفَادَةُ أَوْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ؟ قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ (وَلَوْ عَجَزَ) الْمَجْنِيُّ عَلَى لِسَانِهِ (عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ الْحُرُوفِ (خِلْقَةً) كَأَرَتَّ وَأَلْثَغَ، وَسَبَقَ بَيَانُهُمَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ (أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَدِيَةٌ) كَامِلَةٌ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ نَاطِقٌ وَلَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ، إلَّا أَنَّ فِي نُطْقِهِ ضَعْفًا، وَضَعْفُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ لَا يَقْدَحُ فِي كَمَالِ الدِّيَةِ كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْبَصَرِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ، فَالتَّوْزِيعُ عَلَى مَا يُحْسِنُهُ لَا عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ (وَقِيلَ قِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْحُرُوفِ. أَمَّا مَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً وَكَانَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ كَالْفَارِسِيِّ الَّذِي لَا ضَادَ فِي لُغَتِهِ، فَالْمَعْرُوفُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَطْعُ بِالتَّكْمِيلِ (أَوْ) عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا (بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ دِيَةٌ) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ، لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّوْجِيهِ تَخْصِيصُ التَّصْوِيرِ بِجِنَايَةِ مَنْ تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ حَتَّى تَكُونَ جِنَايَةُ الْحَرْبِيِّ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا أَحْسَبُهُ كَذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُهُ بِالْمَذْهَبِ يَقْتَضِي إثْبَاتَ طَرِيقَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا غَيْرُ خِلَافٍ مُرَتَّبٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْقِسْطِ هُنَاكَ فَهُنَا أَوْلَى، أَوْ بِالتَّكْمِيلِ هُنَاكَ فَهُنَا فِيهِ وَجْهَانِ. وَحَاصِلُهُ طَرِيقَانِ: قَاطِعَةٌ وَحَاكِيَةٌ لِخِلَافٍ، وَلَوْ أَبْطَلَ بَعْضَ مَا يُحْسِنُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ.

(وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَذَهَبَ) حُرُوفٌ هِيَ (رُبْعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكْسٌ) بِأَنْ قَطَعَ رُبْعَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ حُرُوفٌ هِيَ نِصْفُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) تَجِبُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ اللِّسَانَ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ وَكَذَا الْكَلَامُ، وَلَوْ لَمْ تُؤَثِّرْ الْجِنَايَةُ إلَّا فِي أَحَدِهِمَا لَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، فَإِذَا أَثَّرَتْ فِيهِمَا وَجَبَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ لَوَجَبَ قِسْطُهُ، وَلَوْ قَطَعَ فِي الصُّورَتَيْنِ آخَرُ الْبَاقِيَ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْكَلَامِ، وَقَطَعَ فِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ اللِّسَانِ وَفِيهِمَا قُوَّةُ الْكَلَامِ وَلَوْ تَسَاوَتْ نِسْبَةُ الْجِرْمِ وَالْكَلَامِ بِأَنْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا يَقْتَصُّ مَقْطُوعُ نِصْفٍ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ مِنْ مَقْطُوعِ نِصْفٍ ذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ إذَا قَطَعَ الثَّانِي الْبَاقِيَ مِنْ لِسَانِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَجْرَيْنَا الْقِصَاصَ فِي بَعْضِ اللِّسَانِ لِنَقْصِ الْأَوَّلِ عَنْ الثَّانِي، وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانٍ وَبَقِيَ نُطْقُهُ فَالْوَاجِبُ حُكُومَةٌ لَا قِسْطٌ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>