وَفِي بَعْضِ الْحُرُوفِ قِسْطُهُ، وَالْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ.
ــ
[مغني المحتاج]
إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَعُودُ كَلَامُهُ، قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: أَيْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً يَعِيشُ إلَيْهَا أَوْ لَا، فَإِنْ أُخِذَتْ ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ، وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَ نُطْقِهِ اُمْتُحِنَ بِأَنْ يُرَوَّعَ فِي أَوْقَاتِ الْخَلَوَاتِ وَيُنْظَرَ هَلْ يَصْدُرُ مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ حُلِّفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا يُحَلَّفُ الْأَخْرَسُ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، هَذَا فِي إبْطَالِ نُطْقِهِ بِكُلِّ الْحُرُوفِ (وَ) أَمَّا (فِي) إبْطَالِ (بَعْضِ الْحُرُوفِ) فَيُعْتَبَرُ (قِسْطُهُ) مِنْ الدِّيَةِ، هَذَا إذَا بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مُنْتَظِمٌ مَفْهُومٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَ) الْحُرُوفُ (الْمُوَزَّعُ) أَيْ الَّتِي تُوَزَّعُ (عَلَيْهَا) الدِّيَةُ (ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) أَيْ مَنْ كَانَتْ لُغَتَهُ، بِحَذْفِ كَلِمَةِ لَا؛ لِأَنَّهَا لَامٌ أَلِفٌ وَهُمَا مَعْدُودَتَانِ، فَفِي إبْطَالِ نِصْفِ الْحُرُوفِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي إبْطَالِ حَرْفٍ مِنْهَا رُبْعُ سُبْعِهَا، وَعَدَّهَا الْمَاوَرْدِيُّ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِإِثْبَاتِ كَلِمَةِ لَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَجُمْهُورُ النُّحَاةِ عَدُّوهَا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِالْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ، وَأَسْقَطَ الْمُبَرِّدُ الْهَمْزَةَ وَجَعَلَهَا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَمَنْ أَطْلَقَ هَذَا الْعَدَدَ عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ فَهُوَ إمَّا سَهْوٌ وَإِمَّا تَسَامُحٌ فِي الْعِبَارَةِ بِإِطْلَاقِ الْأَلِفِ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ السَّاكِنَةِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ جَوَازُ إطْلَاقِ الْأَلِفِ عَلَى الْهَمْزَةِ تَجَوُّزًا اهـ.
وَاحْتُرِزَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ عَنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَتْ لُغَتُهُ غَيْرَهَا وُزِّعَ عَلَى حُرُوفِ لُغَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ حُرُوفًا، وَقَدْ انْفَرَدَتْ لُغَةُ الْعَرَبِ بِحَرْفِ الضَّادِ فَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا، وَفِي اللُّغَاتِ حُرُوفٌ لَيْسَتْ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَالْحَرْفِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْجِيمِ وَالسِّينِ، وَالْحُرُوفُ الْمَذْكُورَةُ تُسَمَّى حُرُوفَ الْهِجَاءِ وَالتَّهَجِّي الَّتِي أَوَّلُهَا فِي الْعَدِّ عَادَةً أَلِفٌ: أَيْ هَمْزَةٌ، بَاءٌ، تَاءٌ إلَى آخِرِهَا فَالْبَاءُ اسْمٌ وَمُسَمَّاهُ بِهِ وَهَكَذَا إلَخْ.
تَنْبِيهٌ: حُرُوفُ اللُّغَاتِ مُخْتَلِفَةٌ، بَعْضُهَا أَحَدَ عَشَرَ، وَبَعْضُهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ، فَلَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ وَحُرُوفُ إحْدَاهُمَا أَكْثَرُ وَبَطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا أَوْ عَلَى أَقَلِّهِمَا؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَقِينُ، وَلَا فَرْقَ فِي تَوْزِيعِ الدِّيَةِ عَلَى الْحُرُوفِ بَيْنَ اللِّسَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَالْحُرُوفِ الْحَلْقِيَّةِ (وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ عَلَى) غَيْرِ اللِّسَانِيَّةِ مِنْ (الشَّفَهِيَّةِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ نِسْبَةً لِلشَّفَةِ عَلَى أَصْلِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ شَفَهَةٌ، وَلَكَ أَنْ تَنْسُبَهَا عَلَى اللَّفْظِ فَتَقُولَ شُفَيٌّ. وَقِيلَ: أَصْلُ شَفَةٍ شَفْوَةٌ فَحُذِفَتْ الْوَاوُ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ الشَّفَوِيَّةُ (وَ) مِنْ (الْحَلْقِيَّةِ) أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْحَلْقِ وَهِيَ سِتَّةٌ: الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ وَالْعَيْنُ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَتَانِ، وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَتَانِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى اللِّسَانِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْحُرُوفِ الْخَارِجِ مِنْهُ، وَهِيَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمُوَزَّعُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ اللِّسَانِ النُّطْقُ بِهَا فَتَكْمُلُ الدِّيَةُ فِيهَا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُرُوفَ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَخَارِجِ الِاعْتِمَادُ فِي جَمِيعِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute