للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ.

فَإِنْ فَقَدَ وَأَمْكَنَ الِاجْتِهَادُ حَرُمَ التَّقْلِيدُ.

فَإِنْ تَحَيَّرَ لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ وَيَقْضِي.

وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ

ــ

[مغني المحتاج]

بِمَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَصْبِ الصَّحَابَةِ لَهُمَا.

وَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِي خَرِبَةٍ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ بَنَاهَا الْكُفَّارُ، وَكَذَا فِي طَرِيقٍ يَنْدُرُ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ بِهَا. .

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (أَخَذَ) وُجُوبًا (بِقَوْلِ ثِقَةٍ) بَصِيرٍ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ عَبْدًا وَامْرَأَةً (يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ) بِالْقِبْلَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَمَّنْ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ حَائِلٌ لَا يُكَلَّفُ الصُّعُودَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الصُّعُودِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ مَشَقَّةً لِبُعْدِ الْمَكَانِ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي تِلْكَ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَكَافِرٍ، وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةِ الْمِحْرَابِ بِالْمَسِّ، وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ فِي ظُلْمَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ

تَنْبِيهٌ

قَدْ عُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخَبَرِ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ بِالْخَبَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى وَلَا لِمَنْ هُوَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ الْأَخْذُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِاللَّمْسِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا، نَعَمْ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجَوَابِ الْمُتَقَدِّمِ.

(فَإِنْ فَقَدَ) مَا ذُكِرَ (وَأَمْكَنَ الِاجْتِهَادُ) بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا يَعْرِفُ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ أَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ لِاخْتِلَافِهَا، وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ، قَالَا: وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشٍ الصُّغْرَى بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ، وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ نَجْمًا، بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ، فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْيُسْرَى، وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ، وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ، وَقِيلَ يَنْحَرِفُ بِدِمَشْقَ وَمَا قَارَبَهَا إلَى الشَّرْقِ قَلِيلًا (حَرُمَ) عَلَيْهِ (التَّقْلِيدُ) وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ اجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ إلَّا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ وَيُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ وُجُوبًا.

(فَإِنْ تَحَيَّرَ) الْمُجْتَهِدُ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لِنَحْوِ تَعَارُضِ أَدِلَّةٍ أَوْ غَيْمٍ أَوْ ظُلْمَةٍ (لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ وَقَدْ يَزُولُ التَّحَيُّرُ عَنْ قُرْبٍ (وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيَقْضِي) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ.

وَالثَّانِي: يُقَلِّدُ وَلَا يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ الْآنَ عَاجِزٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الصَّوَابِ فَأَشْبَهَ الْأَعْمَى، قَالَ الْإِمَامُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ قَطْعًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ شَاذٌّ، وَالْمَشْهُورُ التَّعْمِيمُ.

(وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ) أَوْ التَّقْلِيدِ فِي نَحْوِ الْأَعْمَى (لِكُلِّ صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ عَيْنِيَّةٍ وَلَوْ مَنْذُورَةً أَوْ قَضَاءً (تَحْضُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>