للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَالضَّمَانُ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ اعْتِبَارَ إذْنِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْحَفْرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَوْ حَفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ حَفَرَهُ ابْتِدَاءً بِإِذْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيِّ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا أَنَّ الْإِذْنَ خَاصٌّ بِالْإِمَامِ، لَكِنْ قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ لِلْقَاضِي الْإِذْنَ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ وَاِتِّخَاذِ سِقَايَةٍ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِي الْحَفْرِ بَلْ اسْتَقَلَّ هُوَ بِهِ (فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ) هُوَ فَقَطْ (فَالضَّمَانُ) إنْ لَمْ يُقِرَّهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) حَفَرَهُ (لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) كَالْحَفْرِ لِلِاسْتِقَاءِ أَوْ لِاجْتِمَاعِ مَاءِ الْمَطَرِ (فَلَا) ضَمَانَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ تَعْسُرُ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ فِي مِثْلِهِ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ إذْ النَّظَرُ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِلْإِمَامِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُقَصِّرْ، فَإِنْ نَهَاهُ، فَحَفَرَ ضَمِنَ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ حِينَئِذٍ، أَوْ قَصَّرَ كَأَنْ كَانَ الْحَفْرُ فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ وَلَمْ يَطْوِهَا، وَمِثْلُهَا يَنْهَارُ إذَا لَمْ يُطْوَ، أَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ فِي سَعَتِهَا ضَمِنَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْلَاكِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ وَقَعَ شَخْصٌ فِي بِئْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ آخَرُ عَمْدًا بِغَيْرِ جَذْبٍ فَقَتَلَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ قَتَلَ مِثْلُهُ مِثْلَهُ غَالِبًا لِضَخَامَتِهِ أَوْ عُمْقِ الْبِئْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَمَاهُ بِحَجَرِهِ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ مِثْلُهُ مِثْلَهُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ يَسْقُطْ عَلَيْهِ خَطَأً بِأَنْ لَمْ يَخْتَرْ الْوُقُوعَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَ الْأَوَّلِ وَمَاتَ بِثِقَلِهِ عَلَيْهِ وَبِانْصِدَامِهِ بِالْبِئْرِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ إنْ كَانَ الْحَفْرُ عُدْوَانًا لِأَنَّهُ مَاتَ بِوُقُوعِهِ فِي الْبِئْرِ وَبِوُقُوعِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَفْرُ عُدْوَانًا هُدِرَ، وَإِذَا غَرَّمَ عَاقِلَةَ الثَّانِي فِي صُورَةِ الْحَفْرِ عُدْوَانًا رَجَعُوا بِمَا غَرِمُوا عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فِي وُقُوعِهِ عَلَيْهِ، بَلْ أَلْجَأَهُ الْحَافِرُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ لَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ بَلْ أَوْلَى لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَوْ نَزَلَ الْأَوَّلُ الْبِئْرَ وَلَمْ يَنْصَدِمْ وَوَقَعَ عَلَيْهِ آخَرُ فَكُلُّ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي فَضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ الْمُتَعَدِّي بِحَفْرِهِ، لَا إنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبِئْرِ عَمْدًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ (وَمَسْجِدٌ) فِي الْحَفْرِ فِيهِ (كَطَرِيقٍ) فِي حَفْرِ بِئْرٍ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ جَزْمًا وَخِلَافًا.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْفِرَ فِيهِ بِئْرًا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ، فَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ نَقْلًا عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ حَفْرُ الْبِئْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ، وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ فِيهِ، وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الضَّمَانَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَفْرُ لَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ فِي تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>