وَلَوْ حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ بِئْرًا وَدَعَا رَجُلًا فَسَقَطَ فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ، أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَمَضْمُونٌ.
أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَكَذَا، أَوْ لَا يَضُرُّ وَأَذِنَ الْإِمَامُ فَلَا ضَمَانَ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: لَا فِي مِلْكِهِ وَمَوَاتٍ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ لَا عُدْوَانَ فِيهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، أَوْ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عُدْوَانًا، وَيَرِدُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ مَا إذَا حَفَرَ حُفْرَةً وَاسِعَةً فِي مِلْكِهِ قَرِيبًا مِنْ أَرْضِ جَارِهِ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى إضْرَارِ أَرْضِ جَارِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا ضَامِنًا لِمَنْ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ التَّعَدِّي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَيَرِدُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مَا لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ الْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ الَّذِي أَجَّرَهُ إجَارَةً صَحِيحَةً فَهُوَ حَفْرُ عُدْوَانٍ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ سَقَطَ فِيهِ إنْسَانٌ غَيْرَ مُتَعَدٍّ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ حَفَرَ بِالْحَرَمِ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الصَّيْدَ الْوَاقِعَ فِيهِ فِي الْحَرَمِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ.
فُرُوعٌ: لَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ حَجَرٍ فَأَهْلَكَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ، إلَّا إنْ سَقَى فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ عَلِمَ بِالْحَجَرِ وَلَمْ يَحْتَطْ فَيَضْمَنْ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ فَسَقَطَتْ بِرِيحٍ أَوْ هَدْمٍ لِمَحَلِّهَا فَأَهْلَكَتْ شَيْئًا أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَرَفَسَتْ شَخْصًا فَأَهْلَكَتْهُ، وَلَوْ خَارِجَ مِلْكِهِ أَوْ نَجَّسَتْ ثَوْبَهُ أَوْ كَسَرَ حَطَبًا فِي مِلْكِهِ فَتَطَايَرَ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَهْلَكَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فِي الْمَعْنَى مِمَّا سَبَقَ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ.
(وَلَوْ حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (بِئْرًا وَدَعَا رَجُلًا) إلَى الدِّهْلِيزِ أَوْ إلَى بَيْتِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا وَكَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَأَجَابَهُ (فَسَقَطَ) فِيهَا جَاهِلًا بِهَا لِنَحْوُ ظُلْمَةٍ كَتَغْطِيَةٍ أَوْ كَانَ أَعْمَى فَمَاتَ (فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَلَمْ يَقْصِدْ هُوَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ فَإِحَالَتُهُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ أَوْلَى، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْجِئٍ فَهُوَ الْمُبَاشِرُ لِإِهْلَاكِ نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ الدِّيَةُ، وَهِيَ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ. أَمَّا الْقِصَاصُ فَلَا يَجِبُ فِي الْأَظْهَرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الْجِرَاحِ، وَخَرَجَ بِدَعَاهُ مَا لَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَسَقَطَ فِيهَا وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الدُّخُولِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ رَجُلًا اعْتِبَارَ التَّكْلِيفِ فِي الدَّاخِلِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ فَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الضِّيَافَةِ بِطَعَامٍ مَسْمُومٍ، حَتَّى لَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ ضَمِنَهُ قَطْعًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ التَّكَافُؤِ (أَوْ) حَفَرَ (بِمِلْكِ غَيْرِهِ) بِلَا إذْنِهِ (أَوْ) بِمِلْكٍ (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ شَرِيكِهِ (فَمَضْمُونٌ) حَفْرُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِتَعَدِّيهِ، وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرٍ عُدْوَانٍ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لَهُ، وَقَدْ مَثَّلْتُ لَهُ بِهِ.
(أَوْ) حَفَرَ (بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَكَذَا) يَجِبُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهَا، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ، إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيمَا يَضُرُّ (أَوْ لَا يَضُرُّ) الْمَارَّةَ لِسَعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ لِانْحِرَافِ الْبِئْرِ عَنْ الْجَادَّةِ (وَأَذِنَ الْإِمَامُ) فِي الْحَفْرِ (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ إنْ حَفَرَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ التَّعَدِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute