وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ فَكُلُّ الضَّمَانِ، وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ فَنِصْفُهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَإِنْ بَنَى جِدَارَهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ فَكَجَنَاحٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
الذِّمِّيُّ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ إخْرَاجُ الْجَنَاحِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَنَاحَ يَمْشِي عَلَيْهِ وَيَقْعُدُ وَيَنَامُ فَكَانَ أَشَدَّ مِنْ عَلَاءِ بِنَائِهِ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
تَنْبِيهٌ: جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي جَمْعِ الْمَيَازِيبِ عَلَى لُغَةِ تَرْكِ الْهَمْزِ فِي مُفْرَدِهِ وَهُوَ مِيزَابٌ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالْأَفْصَحُ فِي جَمْعِهِ مَأْزَبٌ بِهَمْزَةٍ وَمَدٍّ جَمْعُ مِئْزَابٍ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، وَيُقَالُ فِيهِ مِرْزَابٌ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ وَعَكْسِهِ، فَلُغَاتُهُ حِينَئِذٍ أَرْبَعٌ (وَالتَّالِفُ بِهَا) أَوْ بِمَا سَالَ مِنْ مَائِهَا (مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ ارْتِفَاقٌ بِالشَّارِعِ فَجَوَازُهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَالْجَنَاحِ، وَكَمَا لَوْ طَرَحَ تُرَابًا بِالطَّرِيقِ لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ فَزَلَقَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَهُ، وَالْقَدِيمُ لَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِتَصَرُّفِ الْمِيَاهِ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ لِأَنَّهُ لِاتِّسَاعِ الْمَنْفَعَةِ، وَمَنَعَ الْجَدِيدُ كَوْنَهُ ضَرُورِيًّا، إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّخِذَ لِمَاءِ السَّطْحِ بِئْرًا أَوْ يَجْرِيَ الْمَاءَ فِي أُخْدُودِ الْجِدَارِ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ شَيْءٍ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ) أَيْ الْمِيزَابِ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْجَنَاحِ أَيْضًا بِتَأْوِيلِ مَا ذُكِرَ (فِي الْجِدَارِ) وَبَعْضُهُ خَارِجًا عَنْهُ (فَسَقَطَ الْخَارِجُ) مِنْهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَكُلُّ الضَّمَانِ) يَجِبُ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ خَاصَّةً (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ) أَيْ الْمِيزَابِ دَاخِلُهُ وَخَارِجُهُ بِأَنْ قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ (فَنِصْفُهُ) أَيْ الضَّمَانِ يَجِبُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِالدَّاخِلِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبِالْخَارِجِ وَهُوَ مَضْمُونٌ فَوُزِّعَ عَلَى النَّوْعَيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِصَابَةُ بِالدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ أَمْ لَا، اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ أَمْ لَا.
وَالثَّانِي يُوَزَّعُ عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ فَيَجِبُ قِسْطُ الْخَارِجِ وَيَكُونُ التَّوَزُّعُ بِالْوَزْنِ. وَقِيلَ بِالْمِسَاحَةِ.
تَنْبِيهٌ: يُلْغَزُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَيُقَالُ: رَجُلٌ إنْ قَتَلَ إنْسَانًا بِخَشَبَةٍ لَزِمَهُ بَعْضُ دِيَتِهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِبَعْضِهَا لَزِمَهُ تَمَامُ دِيَتِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّهُ خَارِجَ الْجِدَارِ كَأَنْ سُمِّرَ عَلَيْهِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِسُقُوطِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَوْ كَانَ كُلُّهُ فِي الْجِدَارِ فَلَا ضَمَانَ بِوُقُوعِهِ كَالْجِدَارِ، وَأُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ سَقَطَ كُلُّ الْخَارِجِ وَبَعْضُ الدَّاخِلِ أَوْ عَكْسُهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَسُقُوطِهِ كُلِّهِ، وَمَا لَوْ سَقَطَ كُلُّهُ وَانْكَسَرَ نِصْفَيْنِ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ أَصَابَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِالْخَارِجِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَوْ أَصَابَ الْمَاءُ النَّازِلُ مِنْ الْمِيزَابِ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ نِصْفَهَا إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ وَبَعْضُهُ خَارِجًا، وَلَوْ اتَّصَلَ مَاؤُهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ قَالَ الْبَغَوِيّ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا.
(وَإِنْ بَنَى) شَخْصٌ (جِدَارَهُ) كُلَّهُ (مَائِلًا إلَى شَارِعٍ) أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَكَجَنَاحٍ) فِي ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: إلَى شَارِعٍ مَا لَوْ كَانَ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ مَا شَاءَ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مِلْكُهُ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ كَانَ كَمَا لَوْ بَنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute