أَوْ مُسْتَوِيًا فَمَالَ وَسَقَطَ فَلَا ضَمَانَ، وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ وَإِصْلَاحُهُ ضَمِنَ، وَلَوْ سَقَطَ بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ أَوْ تَلِفَ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
مَائِلًا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْهَوَاءِ تَابِعَةٌ لِمَنْفَعَةِ الْقَرَارِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ فِي هَذِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا مَرَّ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ فِي مِلْكِهِ الْمُسْتَأْجَرِ، ثُمَّ رَأَيْتُ هَذَا الْبَحْثَ لِشَيْخِي.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ: إلَى شَارِعٍ لَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْتُهُ، فَإِنْ بَنَى بَعْضَ الْجِدَارِ مَائِلًا وَالْبَعْضَ الْآخَرَ مُسْتَوِيًا فَسَقَطَ الْمَائِلُ فَقَطْ ضَمِنَ الْكُلَّ، أَوْ سَقَطَ الْكُلُّ ضَمِنَ النِّصْفَ فِي الْأَصَحِّ، وَالْمَيْلُ إلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ إنْ كَانَ فِيهَا مَسْجِدٌ أَوْ بِئْرٌ مُسَبَّلٌ فَكَالشَّارِعِ، وَإِلَّا فَمِلْكٌ لِغَيْرٍ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَيْلِ لِلشَّارِعِ، وَلَا يَبْرَأُ نَاصِبُ الْمِيزَابِ أَوْ الْجَنَاحِ أَوْ بَانِي الْجِدَارِ الْمَائِلِ مِنْ الضَّمَانِ بِبَيْعِ الدَّارِ لِغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِهَا إنْسَانٌ ضَمِنَتْهُ عَاقِلَةُ الْبَائِعِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ. نَعَمْ لَوْ بَنَى الْجِدَارَ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ بِذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ إذَا حَفَرَهُ عُدْوَانًا ثُمَّ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهَا فَإِنَّ الْحَافِرَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَصَحُّ عِنْدِي لُزُومُهُ الْمَالِكَ أَوْ عَاقِلَتَهُ حَالَةَ التَّلَفِ. قَالَ: وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْوَاضِعِ أَوْ بِعَاقِلَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لَتَعَلَّقَ بِالصَّانِعِ لَهُ الَّذِي وَضَعَهُ لِلْمَالِكِ اهـ.
فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ عَلَى قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ بَيْنَ الْجِدَارِ وَالْمِيزَابِ؟ . قُلْتُ: الْفَرْقُ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ هُنَا هُوَ الْعُدْوَانُ وَقَدْ زَالَ، وَثَمَّ لَمْ يَزُلْ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، فَاسْتَمَرَّ الْحُكْمُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ نَصْبِ الْمِيزَابِ أَوْ مَيْلِ الْجِدَارِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ.
(أَوْ) بَنَى جِدَارَهُ (مُسْتَوِيًا فَمَالَ) إلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ (وَسَقَطَ) عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ (فَلَا ضَمَانَ) بِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ، وَالْمَيْلُ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا سَقَطَ بِلَا مَيْلٍ، سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ وَإِصْلَاحُهُ أَمْ لَا (وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ وَإِصْلَاحُهُ ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ النَّقْضِ وَالْإِصْلَاحِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اخْتَلَّ جِدَارُهُ فَصَعَدَ السَّطْحَ فَدَقَّهُ لِلْإِصْلَاحِ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَمَاتَ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ: إنْ سَقَطَ وَقْتَ الدَّقِّ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ (وَلَوْ سَقَطَ) مَا بَنَاهُ مُسْتَوِيًا بَعْدَ مَيْلِهِ (بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ) فَمَاتَ (أَوْ تَلِفَ) بِهِ (مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ بِلَا مَيْلٍ، وَالسُّقُوطُ لَمْ يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ، سَوَاءٌ أَقَصَّرَ فِي رَفْعِهِ أَمْ لَا، وَالثَّانِي عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ مَا سَقَطَ الْمُمْكِنُ لَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُطَالَبَ بِالنَّقْضِ أَوْ لَا، وَلَوْ اسْتُهْدِمَ الْجِدَارُ وَلَمْ يَمِلْ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْضُهُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَا ضَمَانُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ مِلْكَهُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا مَالَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا، وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ بِالنَّقْضِ كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ تَنْتَشِرُ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فَإِنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِإِزَالَتِهَا، لَكِنْ لَوْ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ مَالِكُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute