وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ وَقُشُورَ بِطِّيخٍ بِطَرِيقٍ فَمَضْمُونٌ عَلَى الصَّحِيحِ
ــ
[مغني المحتاج]
بِصُنْعِهِ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ، نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ.
(وَلَوْ طَرَحَ) شَخْصٌ (قُمَامَاتٍ) جَمْعُ قُمَامَةٍ بِضَمِّ الْقَافِ: أَيْ كُنَاسَةً (وَقُشُورَ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ رُمَّانٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (بِطَرِيقٍ) فَتَلِفَ بِذَلِكَ شَيْءٌ (فَمَضْمُونٌ عَلَى الصَّحِيحِ) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، سَوَاءٌ أَطَرَحَهُ فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ أَمْ طَرَفِهِ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَوَضْعِ الْحَجَرِ وَالسِّكِّينِ، وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ مَعَ الْحَاجَةِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي طَرْحِهَا فِي غَيْرِ الْمَزَابِلِ وَالْمَوَاضِعِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَيُشْبِهُ الْقَطْعَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُتَعَثِّرُ بِهَا جَاهِلًا، فَإِنْ مَشَى عَلَيْهَا قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا كَمَا لَوْ نَزَلَ الْبِئْرَ فَسَقَطَ، وَخَرَجَ بِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ. قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إلَّا أَنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا بَحْثٌ.
وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الضَّمَانِ أَيْضًا كَمَا لَوْ مَالَ جِدَارُهُ وَسَقَطَ وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ طَرَحَهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ أَوْ أَلْقَى الْقُمَامَةَ فِي سُبَاطَةٍ مُبَاحَةٍ فَلَا ضَمَانَ.
فُرُوعٌ: يَضْمَنُ بِرَشِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مَا تَلِفَ بِهِ، لَا بِرَشِّهِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَدَفْعِ الْغُبَارِ عَنْ الْمَارَّةِ، وَذَلِكَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، هَذَا إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَبَلِّ الطِّينِ فِي الطَّرِيقِ وَلِتَقْصِيرِهِ. نَعَمْ إنْ مَشَى عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَضِيَّتُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَكِنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وُجُوبُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّهُ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْمَصَالِحِ؛ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ غَرَضِهِ مَصْلَحَةُ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَتَأَذَّى بِالْغُبَارِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَرَصَ أَوْ ضَرَبَ رَجُلًا حَامِلًا لِشَيْءٍ فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ مَا هُوَ حَامِلُهُ فَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى إلْقَائِهِ فَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَعَدَّى بِإِسْنَادِ خَشَبَةٍ إلَى جِدَارِ غَيْرِهِ فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الْجِدَارَ وَمَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ السُّقُوطُ عَنْ الْإِسْنَادِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَطَارَ حَيْثُ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ طَيَرَانِهِ فِي الْحَالِ وَطَيَرَانِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ، وَالْجَمَادُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ، وَإِنْ أَسْنَدَهَا إلَى جِدَارِهِ أَوْ جِدَارِ غَيْرِهِ بِلَا تَعَدٍّ فَسَقَطَ أَوْ مَالَ ثُمَّ سَقَطَ بَعْدَ حِينٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ جِدَارًا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ حِينٍ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ وَلَوْ بَنَى دَكَّةً عَلَى بَابِ دَارِهِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ لَا فِي طَرَفِ حَانُوتِهِ ضَمِنَ مَا تَعَثَّرَ وَتَلِفَ بِهِ لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّهُ بَنَى الدَّكَّةَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِمَا وَضَعَهُ بِطَرَفِ حَانُوتِهِ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَوْ اغْتَسَلَ شَخْصٌ فِي الْحَمَّامِ وَتَرَكَ الصَّابُونَ وَالسِّدْرَ الْمُزْلِقَيْنِ بِأَرْضِهِ أَوْ رَمَى فِيهَا نُخَامَةً، فَزَلَقَ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute