للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا وَآخَرَانِ حَجَرًا فَعُثِرَ بِهِمَا فَالضَّمَانُ أَثْلَاثٌ، وَقِيلَ نِصْفَانِ.

وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ، وَلَوْ عَثَرَ

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْوَاضِعِ ضَمَانٌ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَوَضَعَ السَّيْلُ أَوْ سَبُعٌ حَجَرًا فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَسَقَطَ فِي الْبِئْرِ فَهُوَ هَدَرٌ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ: لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا وَنَصَبَ غَيْرُهُ فِيهَا حَدِيدَةً فَوَقَعَ رَجُلٌ فِي الْبِئْرِ فَجَرَحَتْهُ الْحَدِيدَةُ وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. أَمَّا الْحَافِرُ: فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَلِأَنَّ الْوُقُوعَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الَّذِي أَفْضَى فِي الْوُقُوعِ عَلَى الْحَدِيدَةِ فَكَانَ حَافِرُ الْبِئْرِ كَالْمُبَاشِرِ وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ اهـ.

وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْوَضْعَ فِي مَسْأَلَتِنَا فِعْلُ مَنْ يَقْبَلُ الضَّمَانَ، فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَعَدِّي بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ فَاعِلَهُ لَيْسَ مُهَيَّئًا لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ.

وَأَمَّا الْمُسْتَدَلُّ بِهِ فَيُحْمَلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْبِئْرِ مُتَعَدِّيًا بِمُرُورِهِ أَوْ كَانَ النَّاصِبُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْحَافِرُ أَيْضًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

تَنْبِيهٌ: لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ مُشْكِلًا عَبَّرَ هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ بِالْمَنْقُولِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُمَا: الْمَنْقُولُ يَقْتَضِي أَنْ لَا نَقْلَ يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي يُخَالِفُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمَا: الْمَنْقُولُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

فُرُوعٌ: لَوْ كَانَ بِيَدِ شَخْصٍ سِكِّينٌ فَأَلْقَى رَجُلٌ رَجُلًا عَلَيْهَا فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُلْقِي، لَا صَاحِبُ السِّكِّينِ إلَّا أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا فَيَضْمَنُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ فَأَرْسَلَ رَجُلٌ حَبْلًا فَشَدَّهُ الْعَبْدُ فِي وَسَطِهِ وَجَرَّهُ الرَّجُلُ فَسَقَطَ الْعَبْدُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ وَقَفَ اثْنَانِ عَلَى بِئْرٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: فَإِنْ جَذَبَهُ طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالَةُ تُوجِبُ ذَلِكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا ضَمَانَ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ تَجَارَحَا.

(وَلَوْ وَضَعَ) شَخْصٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ عُدْوَانًا (وَآخَرَانِ حَجَرًا) كَذَلِكَ (فَعَثَرَ بِهِمَا) آخَرُ فَمَاتَ (فَالضَّمَانُ) عَلَيْهِمْ لِلْعَاثِرِ (أَثْلَاثٌ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِعْلُهُمْ نَظَرًا إلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْجُنَاةِ كَمَا لَوْ مَاتَ بِجِرَاحَةِ ثَلَاثَةٍ وَاخْتَلَفَتْ الْجِرَاحَاتُ (وَقِيلَ) الضَّمَانُ (نِصْفَانِ) عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفٌ، وَعَلَى الْآخَرَيْنِ نِصْفٌ نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، إذْ لَيْسَ هَذَا كَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَهَا نِكَايَةٌ فِي الْبَاطِنِ بَلْ هُوَ إلَى صُورَةُ الضَّرَبَاتِ أَقْرَبُ بَلْ أَوْلَى فِي الْحُكْمِ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَجَرِ الْآخَرَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِجَنْبِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا، لَكِنَّ الْمُحَرَّرَ وَالرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا قَيَّدُوهُ بِكَوْنِهِ بِجَنْبِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِنَفْيِ الضَّمَانِ عَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ.

(وَلَوْ وَضَعَ) شَخْصٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَعَدِّيًا أَمْ لَا (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَمَاتَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) وَهُوَ الْعَاثِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ ثَمَّ بِفِعْلِهِ (وَلَوْ عَثَرَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالثَّاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>