. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
أَتَوْا إلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ الْمُصَوَّرِ فَمَا فَعَلُوهُ بِهِ مِنْ قَلْعِ الْأَعْيُنِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ اتَّفَقَ نَظِيرُهُ لِلْعَسْكَرِ الْعَامِدِ لَهُمْ فَيَخَافُ مِنْهُمْ الْعَسَاكِرُ، وَأَقَامُوا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ بِمِصْرَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ تَهَابُهُمْ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ السَّاحِرَ يَقْلِبُ بِسِحْرِهِ الْأَعْيَانَ، وَيَجْعَلُ الْإِنْسَانَ حِمَارًا بِحَسَبِ قُوَّةِ السِّحْرِ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَهَذَا وَاضِحُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا لَقَدَرَ أَنْ يَرُدَّ بِنَفْسِهِ إلَى الشَّبَابِ بَعْدَ الْهَرَمِ، وَأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الْمَوْتِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِهِ السِّيمِيَاءُ. وَأَمَّا الْكِهَانَةُ وَالتَّنْجِيمُ وَالضَّرْبُ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالشَّعِيرِ وَالشَّعْبَذَةُ فَحَرَامٌ تَعْلِيمًا وَتَعَلُّمًا وَفِعْلًا، وَكَذَا إعْطَاءُ الْعِوَضِ أَوْ أَخْذُهُ عَنْهَا بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي حُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ، وَالْكَاهِنُ: مَنْ يُخْبِرُ بِوَاسِطَةِ النَّجْمِ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بِخِلَافِ الْعَرَّافِ: فَإِنَّهُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ الْوَاقِعَةِ كَعَيْنِ السَّارِقِ وَمَكَانِ الْمَسْرُوقِ وَالضَّالَّةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُغْتَرُّ بِجَهَالَةِ مَنْ يَتَعَاطَى الرَّمْلَ وَإِنْ نُسِبَ إلَى عِلْمٍ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ» فَمَعْنَاهُ مَنْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ فَلَا يَجُوزُ لَنَا ذَلِكَ. .
فَرْعٌ: لَوْ اعْتَرَفَ شَخْصٌ بِقَتْلِهِ إنْسَانًا بِالْعَيْنِ فَلَا ضَمَانَ وَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى الْقَتْلِ غَالِبًا، وَيُسَنُّ لِلْعَائِنِ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمَعِينِ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِالْمَأْثُورِ وَهُوَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَلَا تَضُرَّهُ، وَأَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَنْ يَغْسِلَ دَاخِلَ إزَارِهِ مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ بِمَاءٍ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي وَأَنْ يَغْسِلَ جِلْدَهُ مِمَّا يَلِي إزَارَهُ بِمَاءٍ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى الْمَعِينِ، قِيلَ: وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ مَنْعُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَيَأْمُرُهُ بِلُزُومِ بَيْتِهِ وَيَرْزُقُهُ مَا يَكْفِيهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا، فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي مَنَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَكْثَرَ قَوْمَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَمَاتَ اللَّهُ مِنْهُمْ مِائَةَ أَلْفٍ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ شَكَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: إنَّكَ اسْتَكْثَرْتَهُمْ فَأَعَنْتَهُمْ، فَهَلَّا حَصَّنْتَهُمْ حِينَ اسْتَكْثَرْتَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أُحَصِّنُهُمْ؟ فَقَالَ تَعَالَى تَقُولُ: حَصَّنْتُكُمْ بِالْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَبَدًا وَدَفَعْتُ عَنْكُمْ السُّوءُ بِأَلْفِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَكَذَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ إذَا رَأَى عَيْنَهُ سَلِيمَةً وَأَحْوَالَهُ مُعْتَدِلَةً: يَقُولُ فِي نَفْسِهِ ذَلِكَ، وَكَانَ الْقَاضِي يُحَصِّنُ تَلَامِذَتَهُ بِذَلِكَ إذَا اسْتَكْثَرَهُمْ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ أَنَّ الْعَيْنَ لَا تُؤَثِّرُ مِمَّنْ لَهُ نَفْسٌ شَرِيفَةٌ لِأَنَّهَا اسْتِعْظَامٌ لِلشَّيْءِ، وَمَا رَوَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ يَرُدُّ ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ الْقَتْلِ بِالْحَالِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا قَتَلَ بِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا كَالسَّاحِرِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَا بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ. قَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ أَنَّ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ فَكَذَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَمِتْهُ فَخَرَّ مَيِّتًا فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى زِيَادٍ، فَقَالَ: قَتَلْتَ الرَّجُلَ، فَقَالَ: لَا، وَلَكِنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute