للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَامْرَأَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ إلَّا أَنْ يُطِيعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَرُدُّ سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ إلَيْهِمْ إذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي قِتَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ قَاتَلُوا بِهِ أَوْ أَحَاطُوا بِنَا

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، إذْ بِحَبْسِهِ تَضْعُفُ الْبُغَاةُ (وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَامْرَأَةً) وَعَبْدًا (حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَ) تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُمْ بِأَنْ (يَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ) لِيَنْكَشِفَ شَرُّهُمْ وَلَا يُتَوَقَّعُ عَوْدُهُمْ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ اسْتِمْرَارِ حَبْسِهِمْ إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ، وَمَحَلُّهُ فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ الْمُتَأَهِّلِ لِلْقِتَالِ وَكَذَا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَيُلْحَقُ بِهِمَا الْآخَرَانِ، وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَإِنْ خِفْنَا عَوْدَهُمْ (إلَّا أَنْ يُطِيعَ) الْأَسِيرُ (بِاخْتِيَارِهِ) بِمُبَايَعَةِ الْإِمَامِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْبَغْيِ إلَى الطَّاعَةِ فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ الْحُرِّ. أَمَّا الصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ فَلَا بَيْعَةَ لَهُمْ (وَيَرُدُّ) وُجُوبًا (سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ) وَغَيْرَهُمَا (إلَيْهِمْ إذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ) أَيْ شَرُّهُمْ بِتَفَرُّقِهِمْ أَوْ رَدِّهِمْ لِلطَّاعَةِ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ حِينَئِذٍ.

تَنْبِيهٌ: فُهِمَ مِنْ رَدِّ السِّلَاحِ وَالْخَيْلِ إلَيْهِمْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ عَوْنًا لَهُمْ فِي الْقِتَالِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَلَا يُسْتَعْمَلُ) أَيْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ سِلَاحِهِمْ وَخَيْلِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ (فِي قِتَالٍ) وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَمَا إذَا خِيفَ انْهِزَامُ أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَ خُيُولِهِمْ فَيَجُوزُ لَهُمْ رُكُوبُهَا وَكَذَا إنْ لَمْ يَجِدُوا مَا يَدْفَعُونَ بِهِ عَنْهُمْ غَيْرَ سِلَاحِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ وُجُوبُ أُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْقِتَالِ لِلضَّرُورَةِ كَالْمُضْطَرِّ إذَا أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِمَا يُتْلَفُ فِي الْقِتَالِ وَتُفَارِقُ مَسْأَلَةُ الْمُضْطَرِّ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِيهَا نَشَأَتْ مِنْ الْمُضْطَرِّ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّهَا إنَّمَا نَشَأَتْ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ) وَإِرْسَالِ سَيْلٍ وَأُسُودٍ وَحَيَّاتٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمُهْلِكَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حَالِهِمْ رَدُّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يَرْجِعُونَ فَلَا يَجِدُونَ لِلنَّجَاةِ سَبِيلًا، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّهَا» .

تَنْبِيهٌ: لَوْ عَبَّرَ بِمَا يَعُمُّ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ آلَةَ الْحَرْبِ قَدْ تَعْظُمُ وَلَكِنْ لَا تَعُمُّ، وَلَيْسَ الْمَنْعُ إلَّا مِمَّا يَعُمُّ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِالْعَظِيمِ (كَأَنْ قَاتَلُوا بِهِ أَوْ أَحَاطُوا بِنَا) وَاضْطُرِرْنَا إلَى الرَّمْيِ بِذَلِكَ لِدَفْعِهِمْ عَنَّا بِأَنْ خِيفَ اسْتِئْصَالُنَا، فَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُمْ بِغَيْرِهِ كَانْتِقَالِنَا لِمَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ نُقَاتِلْهُمْ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>