أَوْ الرُّسُلَ أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ فِي كُفْرِ الْمُجَسِّمَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمَشْهُورُ عَدَمُ كُفْرِهِمْ، وَجَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ بِكُفْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ: وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَنْ جَسَّمَ تَجْسِيمًا صَرِيحًا، وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ صَرِيحًا عَمَّنْ يُثْبِتُ الْجِهَةَ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَقَالَ فِي قَوَاعِدِهِ: إنَّ الْأَشْعَرِيَّ رَجَعَ عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَاتِ لَيْسَ جَهْلًا بِالْمَوْصُوفَاتِ اهـ.
وَأُوِّلَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ بِتَكْفِيرِ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ لَا الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمِلَّةِ، قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ، لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمُنَاكَحَتِهِمْ وَمُوَارَثَتِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ كَفَّرَ أَصْحَابُنَا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ فَعَّالَةٌ، فَهَلَّا كَانَتْ الْمُعْتَزِلَةُ كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ صَاحِبَ الْكَوَاكِبِ اعْتَقَدَ فِيهَا مَا يَعْتَقِدُ فِي الْإِلَهِ مِنْ أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْعَبْدُ يَخْلُقُ أَفْعَالَ نَفْسِهِ فَقَطْ.
(أَوْ) نَفَى (الرُّسُلَ) بِأَنْ قَالَ: لَمْ يُرْسِلْهُمْ اللَّهُ، أَوْ نَفَى نُبُوَّةَ نَبِيٍّ، أَوْ ادَّعَى نُبُوَّةً بَعْدَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِيهَا أَوْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْوَدُ أَوْ أَمْرَدُ أَوْ غَيْرُ قُرَشِيٍّ، أَوْ قَالَ النُّبُوَّةُ مُكْتَسَبَةٌ أَوْ تُنَالُ رُتْبَتُهَا بِصَفَاءِ الْقُلُوبِ أَوْ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يَدَّعِ نُبُوَّةً (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَبِيًّا أَوْ سَبَّهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ أَوْ بِاسْمِهِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ أَمْرِهِ أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ، أَوْ جَحَدَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهَا، أَوْ زَادَ فِيهِ آيَةً مُعْتَقِدًا أَنَّهَا مِنْهُ، أَوْ اسْتَخَفَّ بِسُنَّةٍ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَكَلَ لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَةَ، فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بِأَدَبٍ أَوْ قِيلَ لَهُ قَلِّمْ أَظْفَارَكَ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، فَقَالَ لَا أَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً وَقَصَدَ الِاسْتِهْزَاءَ بِذَلِكَ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ، أَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ، أَوْ لَوْ جَعَلَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ هُنَا لَمْ أُصَلِّ إلَيْهَا، أَوْ لَوْ اتَّخَذَ اللَّهُ فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ، أَوْ لَوْ شَهِدَ عِنْدِي نَبِيٌّ بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ، أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا، أَوْ لَا أَدْرِي النَّبِيُّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ، أَوْ قَالَ: إنَّهُ جِنٌّ، أَوْ صَغَّرَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ احْتِقَارًا، أَوْ صَغَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ احْتِقَارًا. أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوْقَلَ لَا حَوْلَ لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ، أَوْ لَوْ أَوْجَبَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَيَّ مَعَ مَرَضِي هَذَا لَظَلَمَنِي، أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَقَالَ الظَّالِمُ: أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ، أَوْ أَشَارَ بِالْكُفْرِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى كَافِرٍ أَرَادَ الْإِسْلَامَ بِأَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ، أَوْ لَمْ يُلَقَّنْ الْإِسْلَامَ طَالِبُهُ مِنْهُ، أَوْ اسْتَمْهَلَ مِنْهُ تَلْقِينَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ: اصْبِرْ سَاعَةً لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، أَوْ كَفَّرَ مُسْلِمًا بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الدَّالُّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّ الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ، وَفِي الْأَذْكَارِ: يَحْرُمُ تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا، أَوْ نُودِيَ بِيَا يَهُودِيُّ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجَابَ وَإِنْ نُظِرَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ أَوْ قِيلَ لَهُ أَلَسْتَ مُسْلِمًا، فَقَالَ لَا، أَوْ سَمَّى اللَّهَ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ زِنًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute