للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ قَالَ: يَكْفُرُ بِذَلِكَ وَيُرَاقُ دَمُهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذِهِ زَلَّةٌ، وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَلَا يُقْتَلُ وَلَا يَكْفُرُ.

(وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ) صَاحِبُهُ (اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ (بِقَاذُورَةٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِاسْتِخْفَافِ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالِاسْتِخْفَافُ بِالْكَلَامِ اسْتِخْفَافٌ بِالْمُتَكَلِّمِ، وَيَلْتَحِقُ بِالْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: أَوْ أَوْرَاقُ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ (وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي هَذَا: وَفِي إلْقَاءِ الْمُصْحَفِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا - أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ وَكَأَنَّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا احْتَرَزَ بِهِ فِي سُجُودِ الصَّنَمِ عَمَّا لَوْ سَجَدَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَكْفُرُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ، وَفِي إلْقَاءِ الْمُصْحَفِ عَمَّا لَوْ أَلْقَاهُ فِي قَذَرٍ خِيفَةَ أَخْذِ الْكَافِرِ لَهُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ (أَوْ) سُجُودٍ لِ (شَمْسٍ) أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، وَكَذَا السِّحْرُ الَّذِي فِيهِ عِبَادَةُ كَوْكَبٍ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ شَرِيكًا.

تَنْبِيهٌ: يُكَفَّرُ مَنْ نَسَبَ الْأُمَّةَ إلَى الضَّلَالِ أَوْ الصَّحَابَةَ إلَى الْكُفْرِ أَوْ أَنْكَرَ إعْجَازَ الْقُرْآنِ أَوْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ أَنْكَرَ الدَّلَالَةَ عَلَى اللَّهِ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِأَنْ قَالَ: لَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى، أَوْ أَنْكَرَ بَعْثَ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ بِأَنْ يَجْمَعَ أَجْزَاءَهُمْ الْأَصْلِيَّةَ وَيُعِيدَ الْأَرْوَاحَ إلَيْهَا أَوْ أَنْكَرَ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ أَوْ أَقَرَّ بِهَا، لَكِنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ مَعَانِيهَا، أَوْ قَالَ إنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. وَأَكَلْتُ مِنْ ثِمَارِهَا وَعَانَقْتُ حُورَهَا، أَوْ قَالَ: الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، هَذَا إنْ عَلِمَ مَعْنَى مَا قَالَهُ لَا إنْ جَهِلَ ذَلِكَ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَكْفُرُ لِعُذْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا إنْ قَالَ مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ: سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ، أَوْ لِكَافِرٍ: لَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ دُعَاءٍ بِتَشْدِيدِ الْأَمْرِ وَالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، وَلَا إنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَشَرِبَ مَعَهُمْ الْخَمْرَ وَأَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَلَا إنْ قَالَ الطَّالِبُ لِيَمِينِ خَصْمِهِ وَقَدْ أَرَادَ الْخَصْمُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا أُرِيدُ الْحَلِفَ بِهِ بَلْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ، وَلَا إنْ قَالَ رُؤْيَتِي إيَّاكَ كَرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَلَا إنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَرْبِ الدُّفِّ أَوْ الْقَصَبِ، أَوْ قِيلَ لَهُ تَعْلَمُ الْغَيْبَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ خَرَجَ لِسَفَرٍ فَصَاحَ الْعَقْعَقُ فَرَجَعَ، وَلَا إنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ بِنَجِسٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَسْتَحِلَّ ذَلِكَ، وَلَا إنْ تَمَنَّى حِلَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَنٍ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ كَأَنْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ أَوْ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَوْ الظُّلْمَ أَوْ الزِّنَا أَوْ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا إنْ شَدَّ الزُّنَّارَ عَلَى وَسَطِهِ أَوْ وَضَعَ قَلَنْسُوَةَ الْمَجُوسِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ شَدَّ عَلَى وَسَطِهِ زُنَّارًا وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِتَخْلِيصِ الْأُسَارَى، وَلَا إنْ قَالَ: النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ، وَلَا إنْ قَالَ: لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتُهَا، صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>