وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَالَا: لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ فَادَّعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ مُطْلَقًا.
وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ لَمْ يَرِثْهُ، وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْتَضِهِ قَرِينَةٌ بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ كُفْرٍ وَسَبِيلُهُ مُخَلًّى (فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ، فَيُحْكَمُ بِبَيْنُونَةِ زَوْجِهِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَيُطَالَبُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ (وَلَوْ) لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدَانِ ارْتَدَّ وَلَكِنْ (قَالَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ) أَوْ فَعَلَ فِعْلَهُ (فَادَّعَى إكْرَاهًا) بَعْدَ أَنْ صَدَّقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (مُطْلَقًا) بِقَرِينَةٍ وَدُونِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبُ الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُنَافِي الرِّدَّةَ وَلَا يُنَافِي التَّلَفُّظَ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ وَلَا الْفِعْلَ الْمُكَفِّرَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَضْمَنُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ تَثْبُتْ، أَوْ لَا؟ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ: قَوْلَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي.
تَنْبِيهٌ: اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْوِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ تَفْصِيلُ الشَّهَادَةِ، فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ، أَوَّلًا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَا بِالرِّدَّةِ لِتَضَمُّنِهِ حُصُولَ الشَّرَائِطِ. أَمَّا إذَا قَالَ إنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذَا فَيَبْعُدُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَيَقْنَعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاخْتِيَارُ. .
وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ: فَمِنْ الشَّرَائِطِ: الِاخْتِيَارُ، وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقْنَعَ بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ. فَإِنْ قِيلَ: فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْإِكْرَاهِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ مُكْرَهًا وَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْبُوسًا أَوْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةً أُخْرَى، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا قَالَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِلَّهِ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الطَّلَاقِ، فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِآدَمِيٍّ فَشَدَّدَ فِيهِ.
(وَلَوْ مَاتَ) مَنْ هُوَ (مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِابْنَيْنِ (ارْتَدَّ) أَيْ الْأَبُ (فَمَاتَ كَافِرًا) وَأَنْكَرَ الْآخَرُ (فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَأَنْ قَالَ تَكَلَّمَ بِمَا يُوجِبُ الْكُفْرَ أَوْ سَجَدَ لِصَنَمٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُورَثُ (وَكَذَا) يَكُونُ نَصِيبُهُ فَيْئًا (إنْ أَطْلَقَ) أَيْ: لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ كُفْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكُفْرِهِ فَعُومِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ فَلَمْ يَرِثْ مِنْهُ، وَهَذَا التَّرْجِيحُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَسْتَفْصِلُ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ كَافِيًا، وَإِنْ ذَكَرَ مَا لَيْسَ كُفْرًا كَأَنْ قَالَ: كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ صُرِفَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَقَفَ الْأَمْرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَقَرَّهُ.
فُرُوعٌ: لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ أَوْ غَيْرُهُ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، لَا إنْ صَلَّى فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ فِي دَارِنَا قَدْ تَكُونُ تَقِيَّةً بِخِلَافِهَا فِي دَارِهِمْ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ صَلَّى كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَلَوْ فِي دَارِهِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ عَلَقَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute