إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُهُ بِهَا، وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ، وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا.
وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا، وَنَفَقَةُ زَوْجَاتٍ وُقِفَ نِكَاحُهُنَّ وَقَرِيبٍ، وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ مَوْقُوفٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
سَوَاءٌ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ (إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُهُ بِهَا) أَيْ الرِّدَّةِ فَمَا مَلَكَهُ فَيْءٌ وَمَا تَمَلَّكَهُ مِنْ احْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ بَاقٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ (وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ) لِأَنَّ بُطْلَانَ أَعْمَالِهِ تَتَوَقَّفُ عَلَى هَلَاكِهِ عَلَى الرِّدَّةِ فَكَذَا زَوَالُ مِلْكِهِ، وَالثَّانِي يَزُولُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ بِرِدَّتِهِ فَمَالُهُ أَوْلَى. وَالثَّالِثُ لَا يَزُولُ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي الْمِلْكَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (وَ) يَتَفَرَّعُ (عَلَى) هَذِهِ (الْأَقْوَالِ) أَنَّهُ (يُقْضَى مِنْهُ) أَيْ: مَالِ الْمُرْتَدِّ (دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) بِإِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قُلْنَا: بِزَوَالِهِ فَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَوْتِ، وَالدَّيْنُ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ، فَكَذَا عَلَى حَقِّ الْفَيْءِ، وَإِذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وُفِّيَ، ثُمَّ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ صُرِفَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَهَلْ يَنْتَقِلُ جَمِيعُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيْئًا مُتَعَلِّقًا بِهِ الدَّيْنُ كَمَا تُنْقَلُ التَّرِكَةُ لِلْوَرَثَةِ كَذَلِكَ، أَوْ لَا يَنْتَقِلُ لِلْفَيْءِ إلَّا الْفَاضِلُ عَنْ الدَّيْنِ؟ الْقِيَاسُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ مُخْتَصَرِ التَّبْرِيزِيِّ الثَّانِيَ.
تَنْبِيهٌ: هَلْ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ قَوْلَانِ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ هُوَ كَحَجْرِ الْفَلَسِ، أَوْ السَّفَهِ، أَوْ الْمَرَضِ؟ . فِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا (وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُرْتَدِّ زَمَنَ اسْتِتَابَتِهِ (مِنْهُ) أَيْ مَالِهِ، وَتُجْعَلُ حَاجَتُهُ لِلنَّفَقَةِ كَحَاجَةِ الْمَيِّتِ إلَى التَّجْهِيزِ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ (وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ) مَالِ غَيْرِهِ (فِيهَا) أَيْ الرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ جَمْعٌ وَامْتَنَعُوا عَنْ الْإِمَامِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ إلَّا بِقِتَالٍ، فَمَا أَتْلَفُوا فِي الْقِتَالِ إذَا أَسْلَمُوا ضَمِنُوهُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْبَيَانِ عَدَمَ الضَّمَانِ (وَ) الْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ (نَفَقَةُ زَوْجَاتٍ وُقِفَ نِكَاحُهُنَّ وَقَرِيبٍ) لِأَنَّهَا حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَوْ مَوْقُوفٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ قَطْعًا، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ كَالزَّوْجَةِ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا مَرَّ وَفَرَّعْنَا عَلَيْهِ (فَتَصَرُّفُهُ) الْوَاقِعُ مِنْهُ فِي رِدَّتِهِ (إنْ احْتَمَلَ) أَيْ: قَبِلَ (الْوَقْفَ) بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ (كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ مَوْقُوفٌ) لُزُومُهُ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute