إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا، وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَفِي الْقَدِيم مَوْقُوفَةٌ، وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٌ، وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي.
ــ
[مغني المحتاج]
قَالَهُ الْإِمَامُ (إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ) بِمُعْجَمَةٍ: أَيْ: بَانَ نُفُوذُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا (فَلَا) يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَضُرُّهُ (وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ) وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ (بَاطِلَةٌ) بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِ وَقْفِ الْعُقُودِ وَهُوَ الْجَدِيدُ (وَفِي الْقَدِيمِ) هِيَ (مَوْقُوفَةٌ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْعُقُودِ، فَإِنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا، وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَنَّهَا عَلَى قَوْلَيْ وَقْفِ الْعُقُودِ حَتَّى تَبْطُلَ عَلَى الْجَدِيدِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُنَا وَفِي الْكِتَابَةِ، وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَإِنْ رَجَّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ صِحَّتَهَا، وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) السَّابِقَةِ (يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ) أَيْ: عِنْدَ (عَدْلٍ) يَحْفَظُهُ (وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) أَوْ مَنْ يَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا كَالْمَحْرَمِ احْتِيَاطًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهَمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْجَعْلِ الْمَذْكُورِ عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ مِلْكِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي) حِفْظًا لَهَا وَيُعْتَقُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُرْتَدُّ، لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَلَوْ أَدَّى فِي الرِّدَّةِ زَكَاةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ الْقَفَّالُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَسْقُطَ، وَلَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى السُّقُوطِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَّةِ هُنَا التَّمْيِيزُ.
خَاتِمَةٌ: لَوْ امْتَنَعَ مُرْتَدُّونَ بِنَحْوِ حِصْنٍ بَدَأْنَا بِقِتَالِهِمْ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ أَغْلَظُ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَاتَّبَعْنَا مُدْبِرَهُمْ، وَذَفَفْنَا عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَاسْتَتَبْنَا أَسِيرَهُمْ، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ فِي حَالِ الْقِتَالِ كَمَا مَرَّ وَيُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى قَتْلِ الرِّدَّةِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ فِي مَالِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ مُعَجَّلَةً فِي الْعَمْدِ وَمُؤَجَّلَةً فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، وَلَا يَحِلُّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِالرِّدَّةِ، وَلَوْ وَطِئَ مُرْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ كَأَنْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً، أَوْ اسْتَخْدَمَ الْمُرْتَدُّ أَوْ الْمُرْتَدَّةُ إكْرَاهًا فَوُجُوبُ الْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ مَوْقُوفَانِ، وَلَوْ أَتَى فِي رِدَّتِهِ مَا يُوجِبُ حَدًّا كَأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ، أَوْ قَذَفَ، أَوْ شَرِبَ خَمْرًا حُدَّ ثُمَّ قُتِلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute