وَدُبُرُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَقُبُلٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ وَوَطْءِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ.
وَكَذَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، وَكَذَا مَمْلُوكَتِهِ الْمَحْرَمِ.
ــ
[مغني المحتاج]
إدْخَالُ غَيْرِهَا فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: قَدْرُ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَدُبُرُ ذَكَرٍ وَ) دُبُرُ (أُنْثَى) أَجْنَبِيَّةٍ (كَقُبُلٍ) لِلْأُنْثَى فَيَجِبُ بِالْإِيلَاجِ فِي كُلٍّ مِنْ الدُّبُرَيْنِ الْمُسَمَّى بِاللِّوَاطِ الْحَدُّ (عَلَى الْمَذْهَبِ) فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ؛ لِأَنَّهُ زِنًى بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: ٣٢] وَقَالَ تَعَالَى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف: ٨٠] . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ» وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِحَدِيثِ «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ.
وَعَلَى هَذَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كَالْمُرْتَدِّ. وَقِيلَ إنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ كَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ دُبُرَ عَبْدِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. هَذَا حُكْمُ الْفَاعِلِ. وَأَمَّا الْمَفْعُولِ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا مَهْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الرَّجُلِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إحْصَانٌ. وَقِيلَ تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ الْمُحْصَنَةُ. أَمَّا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَلَا تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ سَوَاءٌ، وَاحْتُرِزَ بِإِيلَاجٍ عَمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ، وَلَا بِإِيلَاجِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ، وَلَا بِإِيلَاجِهَا فِي غَيْرِ فَرْجٍ كَسُرَّةٍ، وَلَا بِمُقَدَّمَاتِ وَطْءٍ، وَلَا بِإِتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ يُعَزَّرَانِ، وَلَا بِاسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهِ، بَلْ يُعَزَّرُ. أَمَّا بِيَدِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فَمَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَزْلِ (وَ) اُحْتُرِزَ بِمُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ عَنْ (وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فِي حَيْضٍ) وَنِفَاسٍ (وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) وَاسْتِبْرَاءٍ فَلَا حَدَّ بِهِ، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِأُمُورٍ عَارِضَةٍ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يَخْرُجُ بِمُحَرَّمٍ وَطْءُ حَرْبِيَّةٍ بِقَصْدِ الْقَهْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بِذَلِكَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَفَّالِ فِي بَابِ السَّرِقَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى سَرِقَةِ الْعَيْنِ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ إلَى الْقَفَّالِ، وَاحْتُرِزَ بِخَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ الْمَحَلُّ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ (وَكَذَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) وَالْمُشْتَرَكَةِ (وَالْمُعْتَدَّةِ) مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ وَالْمُسْلِمَةَ وَهُوَ ذِمِّيٌّ فَلَا حَدَّ بِوَطْئِهَا جَزْمًا، وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ (وَكَذَا مَمْلُوكَتِهِ الْمَحْرَمِ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَأُخْتِهِ مِنْهُمَا أَوْ بِمُصَاهَرَةٍ كَمَوْطُوءَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَلَا حَدَّ بِوَطْئِهَا فِي الْأَظْهَرِ كَمَا سَيَأْتِي لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute