للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمُكْرَهٍ فِي الْأَظْهَرِ.

وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَهَا عَالِمٌ كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ عَلَى الصَّحِيحِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَنْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا كَأُخْتِهِ. أَمَّا مَنْ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا كَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ فَهُوَ زَانٍ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاحْتُرِزَ عَنْ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ.

(وَمُكْرَهٍ) فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَقَوْلُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمُكْرَهِ بِالْأَصَحِّ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ بِمَا إذَا وَجَدَ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ فَوَطِئَهَا عَلَى ظَنٍّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ. وَالثَّانِي يُحَدُّ فِيهِمَا. أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يُسْتَبَاحُ بِحَالٍ فَأَشْبَهَ اللِّوَاطَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ وَطْءَ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمَ فِي دُبُرِهَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَإِنْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُوجِبُهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ انْتِشَارَ الْآلَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَهْوَةٍ وَاخْتِيَارٍ، وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ التَّرَدُّدُ فِي تَصْوِيرِ الْإِكْرَاهِ فِي الزِّنَا، وَالصَّحِيحُ تَصْوِيرُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِشَارَ تَقْتَضِيهِ الطَّبِيعَةُ عِنْدَ الْمُلَابَسَةِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الرَّجُلِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ قَطْعًا. قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ.

فَائِدَةٌ: فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ جَهَدَهَا الْعَطَشُ فَمَرَّتْ عَلَى رَاعٍ فَاسْتَسْقَتْهُ فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهَا إلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ فَشَاوَرَ النَّاسَ فِي رَجْمِهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ مُضْطَرَّةٌ أَرَى أَنْ يُخَلَّى سَبِيلُهَا فَفَعَلَ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ الْمُكْرَهِ إلَى قَوْلِهِ: وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَيَقُولُ وَالِاخْتِيَارُ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ عَدَمَ الْخِلَافِ فِي أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُحَرَّمِ جَارٍ فِيهَا.

فَرْعٌ: لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا أَمَتُهُ الْمُشْتَرَكَةُ فَبَانَتْ أَجْنَبِيَّةً حُدَّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ نَقَلَهُمَا تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الِامْتِنَاعُ، وَقِيلَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ لِأَنَّهُ ظَنَّ مَا لَوْ تَحَقَّقَ رُفِعَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَاحْتُرِزَ عَنْ شُبْهَةِ الطَّرِيقِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ (وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَهَا) أَيْ: قَالَ بِالْوَطْءِ بِهَا (عَالِمٌ كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ) فَقَطْ كَمَا قَالَ بِهِ مَالِكٌ، أَوْ بِلَا وَلِيٍّ فَقَطْ كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، أَوْ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَلَكِنَّهُ مُؤَقَّتٌ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ كَمَا قَالَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا حَدَّ بِالْوَطْءِ فِيهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى مُعْتَقِدِ الْإِبَاحَةِ أَيْضًا كَمَا يُحَدُّ الْحَنَفِيُّ عَلَى شُرْبِ النَّبِيذِ، وَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ نَسْخُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ لَا يُقَارِنَهُ حُكْمٌ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>