وَلَا بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ.
وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ.
وَمُبِيحَةٍ وَمَحْرَمٍ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا.
ــ
[مغني المحتاج]
حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِبُطْلَانِهِ حُدَّ قَطْعًا، أَوْ حَنَفِيٌّ أَوْ مَالِكِيٌّ بِصِحَّتِهِ لَمْ يُحَدَّ قَطْعًا، وَالضَّابِطُ فِي الشُّبْهَةِ قُوَّةُ الْمُدْرَكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَا عَيْنِ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، فَلَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ حُدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ حُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ حِلُّ ذَلِكَ. وَيَجِبُ فِي الْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ. قَالَ الْقَاضِي: إلَّا فِي الدَّنِيئَةِ فَلَا حَدَّ فِيهَا لِخِلَافِ مَالِكٍ فِيهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الشُّبْهَةِ مَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ فَيَجِبُ الْحَدُّ بِوَطْئِهَا كَمَا فِي سِيَرِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ النَّفَقَةُ لَا الْإِعْفَافُ، وَاحْتُرِزَ بِمُشْتَهًى عَمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ.
(وَلَا) حَدَّ (بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي الْحَيَاةِ خِلَافًا لِمَا فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ. لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَنْفِرُ الطَّبْعُ عَنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ بِحَدٍّ كَشُرْبِ الْبَوْلِ بَلْ يُعَزَّرُ. وَالثَّانِي: يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الْحَيَّةِ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ مَهْرٌ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَسْتَأْنِفُ مِلْكًا (وَلَا) بِوَطْءِ (بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَأْبَاهُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى زَاجِرٍ بِحَدٍّ بَلْ يُعَزَّرُ، وَفِي النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ عَلَى الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ حَدٌّ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَقُولُهُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، وَالثَّانِي يُقْتَلُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَالثَّالِثُ: يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الْبَهِيمَةُ الْمَفْعُولُ بِهَا فَفِيهَا أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا لَا تُذْبَحُ، وَقِيلَ: تُذْبَحُ إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً، وَقِيلَ تُذْبَحُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ ذَلِكَ: فَقِيلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ مُشَوَّهِ الْخَلْقِ، فَعَلَى هَذَا لَا تُذْبَحُ إلَّا إذَا كَانَتْ أُنْثَى، وَقَدْ أَتَاهَا فِي الْفَرْجِ، وَقِيلَ إنَّ فِي بَقَائِهَا تِذْكَارًا لِلْفَاحِشَةِ فَيُعَيَّرُ بِهَا هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً وَذُبِحَتْ حَلَّ أَكْلُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَيْثُ وَجَبَ الذَّبْحُ وَالْبَهِيمَةُ لِغَيْرِ الْفَاعِلِ لَزِمَهُ لِمَالِكِهَا إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً، وَإِلَّا لَزِمَهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ لِصَاحِبِهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ قَتْلَهَا لِلْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ شَرْطَ الشُّبْهَةِ: أَنْ تَكُونَ قَوِيَّةَ الْمُدْرَكِ مُسْقِطَةً لِلْحَدِّ لِيَخْرُجَ أَيْضًا شُبْهَةُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلزِّنَا فَلِذَلِكَ قَالَ:
(وَيُحَدُّ فِي) وَطْءِ (مُسْتَأْجَرَةٍ) لِلزِّنَا بِهَا لِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ وَالْعَقْدِ، وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ بَاطِلٌ وَلَا يُورِثُ شُبْهَةً مُؤَثِّرَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَى خَمْرًا فَشَرِبَهَا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ شُبْهَةٌ، وَعُورِضَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ شُبْهَةً لَثَبَتَ النَّسَبُ، وَلَا يَثْبُتُ اتِّفَاقًا. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يُرَاعَ خِلَافُهُ هُنَا كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ؟ أُجِيبَ بِضَعْفِ مُدْرَكِهِ هُنَا.
(وَ) يُحَدُّ أَيْضًا فِي وَطْءِ (مُبِيحَةٍ) فَرْجَهَا لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ. وَتُحَدُّ هِيَ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) فِي وَطْءِ (مَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا) لِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ مَحَلًّا لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِتَحْرِيمِهِ اهـ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute