للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ.

أَوْ إقْرَارٍ مَرَّةً.

ــ

[مغني المحتاج]

لَا أَهْلَ لَهُ فَلَا يَسْتَوْحِشُ بِالتَّغْرِيبِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا أَلِفَ مَوْضِعًا شَقَّ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ، وَلَا يُبَالِي بِحَقِّ السَّيِّدِ فِي الْعُقُوبَاتِ كَمَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ وَيُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَغْرِيبِ الْأَمَةِ خُرُوجُ مَحْرَمٍ مَعَهَا كَالْحُرَّةِ وَمُؤْنَةِ الْمُغَرَّبِ فِي مُدَّةٍ تَغْرِيبِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَعَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحَضَرِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ زَنَى الْعَبْدُ الْمُؤَجَّرُ حُدَّ، وَهَلْ يُغَرَّبُ فِي الْحَالِ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ أَوْ يُؤَخَّرُ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَقْرُبُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ طُولِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقِصَرِهَا قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءُ ذَلِكَ فِي الْأَجِيرِ الْحُرِّ أَيْضًا اهـ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ لِغَرِيمِهِ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهَا حَبْسٌ فَإِنَّهَا تُحْبَسُ وَلَوْ فَاتَ التَّمَتُّعُ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ لَا حَدَّ عَلَى الرَّقِيقِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ بِالذِّمَّةِ إذْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْمُعَاهَدِ وَالْمُعَاهَدُ لَا يُحَدُّ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لِلْكَافِرِ أَنْ يَحُدَّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ، وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْمُعَاهَدِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْجِزْيَةِ عَدَمُ الْحَدِّ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ.

(وَيَثْبُتُ) الزِّنَا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ (بِبَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ لِآيَةِ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] .

تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ الْبَيِّنَةَ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا التَّفْصِيلُ فَتُذْكَرُ بِمَنْ زَنَى لِجَوَازِ أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا، وَالْكَيْفِيَّةُ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُبَاشِرِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَتَتَعَرَّضُ لِلْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَقْتَ الزِّنَا فَيَقُولُونَ: رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ حَشَفَتِهِ مِنْهُ فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ زَنَى بِهَا زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ إذَا كَانُوا عَارِفِينَ بِأَحْكَامِهِ، وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ لَفْظِ أَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ زَنَى وَيَذْكُرُ الْمَوْضِعُ، فَإِنَّهُمْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِيهِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ.

(أَوْ إقْرَارٍ) حَقِيقِيٍّ وَلَوْ (مَرَّةً) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ: مَرَّةً إلَى خِلَافِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ حَيْثُ اعْتَبَرَا الْإِقْرَارَ أَرْبَعًا لِحَدِيثِ مَاعِزٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَأَجَابَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ وَلِهَذَا قَالَ: «أَبِكَ جُنُونٌ» ، وَلَمْ يُكَرِّرْهُ فِي خَبَرِ الْغَامِدِيَّةِ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِقْرَارِ مُفَصِّلًا كَالشَّهَادَةِ فَلَا يَسْتَوْفِي الْقَاضِي الْحَدَّ بِعِلْمِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَضَاءِ، بِخِلَافِ سَيِّدِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْعَبْدِ بِعِلْمِهِ، أَمَّا الْإِقْرَارُ التَّقْدِيرِيُّ وَهُوَ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا وَلَكِنْ يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ، وَأَوْرَدَ عَنْ طَرِيقٍ آخَرَ مُخْتَصٍّ بِالْمَرْأَةِ وَهُوَ مَا إذَا قَذَفَهَا الزَّوْجُ وَلَاعَنَ وَلَمْ تُلَاعِنْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>