للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ، بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ.

فَإِنْ امْتَنَعَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ.

وَالْعَبْدِ خَمْسُونَ، وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ، وَفِي قَوْلٍ سَنَةً، وَفِي قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ.

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَيُغَرَّبُ الْبَدَوِيُّ عَنْ حِلَّتِهِ وَقَوْمِهِ.

(وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ) زَانِيَةٌ (وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) لِخَبَرِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَلِأَنَّ الْقَصْدَ تَأْدِيبُهَا، وَالزَّانِيَةُ إذَا خَرَجَتْ وَحْدَهَا هَتَكَتْ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ، وَالثَّانِي تُغَرَّبُ وَحْدَهَا لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ عَلَيْهَا فَأَشْبَهَ سَفَرَ الْهِجْرَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْأُمِّ. وَقَالَ إنَّ النَّهْيَ عَنْ سَفَرِهَا وَحْدُهَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا (وَلَوْ) لَمْ يَخْرُجْ الزَّوْجُ أَوْ الْمَحْرَمُ إلَّا (بِأُجْرَةٍ) لَزِمَهَا ذَلِكَ وَهُوَ فِي مَالِهَا عَلَى الْأَصَحِّ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ لِأَنَّهَا مِمَّا يُتِمُّ بِهَا الْوَاجِبُ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ، وَلِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ سَفَرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ أَمْنًا، وَإِلَّا فَلَا تُغَرَّبُ وَحْدَهَا جَزْمًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالنِّسْوَةِ الثِّقَاتِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ الطَّرِيقِ. وَأَمَّا مَعَ أَمْنِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرُبَّمَا اكْتَفَى بَعْضُهُمْ بِوَاحِدَةٍ ثِقَةٍ اهـ.

وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا هُوَ مَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَالْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَهَذَا أَوْلَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ يُغَرَّبُ وَحْدَهُ وَلَوْ أَمْرَدَ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ الْأَمْرَدَ الْحَسَنَ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ يَحْتَاجُ إلَى مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ.

(فَإِنْ امْتَنَعَ) مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ (بِأُجْرَةٍ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الْحَجِّ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيبَ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ وَلَا يَأْثَمْ بِامْتِنَاعِهِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَالثَّانِي يُجْبَرُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي إقَامَةِ الْوَاجِبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهُمَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ.

(وَ) حَدُّ غَيْرِ الْحُرِّ مِنْ (الْعَبْدِ) أَوْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ مُكَلَّفًا (خَمْسُونَ) جَلْدَةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَالْمُرَادُ الْجَلْدُ لِأَنَّ الرَّجْمَ قَتْلٌ وَالْقَتْلُ لَا يَتَنَصَّفُ، وَرَوَى مَالِكٌ وَأَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: " أَنَّهُ أُتِيَ بِعَبْدٍ وَأَمَةٍ زَنَيَا فَجَلَدَهُمَا خَمْسِينَ خَمْسِينَ " إذْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِجَامِعِ الرِّقِّ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ لَعَمَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْمُكَاتَبَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضَ، وَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْتُهُ، وَقِيلَ: إنَّ الْحَدَّ يُقَسَّطُ عَلَى الْمُبَعَّضِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَيَكُونُ عَلَى حُرٍّ النِّصْفُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْجَلْدِ (وَيُغَرَّبُ) مَنْ فِيهِ رِقٌّ (نِصْفَ سَنَةٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ يَتَبَعَّضُ فَأَشْبَهَ الْجَلْدَ، وَعَلَى التَّقْسِيطِ فِي الْمُبَعَّضِ يُغَرَّبُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ (وَفِي قَوْلٍ) يُغَرَّبُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ (سَنَةً) لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْحُرِّ وَغَيْرِهِ كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ حَقِّ السَّيِّدِ، وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>