للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَحُرٍّ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ، وَأَنَّ السَّيِّدَ يُعَزَّرُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِالْعُقُوبَةِ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِلْمُشْتَرِي إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ حَالَ الزِّنَا فَالْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ هُنَا يَثْبُتُ لِلْإِمَامِ أَوَّلًا. وَاسْتِرْقَاقُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَمْنَعُ اسْتِيفَاؤُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِسَيِّدِهِ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا فِيمَا مَرَّ فَثَبَتَ لِلسَّيِّدِ، وَهُوَ لِلِاسْتِصْلَاحِ، وَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الْبَائِعِ الْحَدَّ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَصَارَ الِاسْتِيفَاءُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُشْتَرِي (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) كَمَا يَجْلِدُهُ لِانْدِرَاجِهِ فِي خَبَرِ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَالثَّانِي لَا، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الْجَلْدَ فَقَطْ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ سُكُوتَهُ فِي الْحَدِيثِ لَا يُنَافِيهِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

تَنْبِيهٌ: مُؤْنَةُ تَغْرِيبِ الرَّقِيقِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى السَّيِّدِ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ فِي زَمَنِ التَّغْرِيبِ، وَقِيلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) الزَّانِيَ (الْمُكَاتَبَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ (كَحُرٍّ) فَلَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا الْإِمَامُ لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ السَّيِّدِ بِالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كَالْقِنِّ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَجَزَ فُرِّقَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ هَلْ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِيفَاءُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا زَنَى الذِّمِّيُّ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَاسْتُرِقَّ. أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَكَالْقِنِّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) السَّيِّدَ (الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ (يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ) لِعُمُومِ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْلَاحِ كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي لَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقِيمُهُ بِالْوِلَايَةِ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ السَّيِّدِ الْمُبَعَّضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ بَلْ أَوْلَى وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: قَضِيَّةُ النَّصِّ الْمَنْعُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكَافِرِ إذَا كَانَ عَبْدُهُ كَافِرًا. أَمَّا إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَلَيْسَ لَهُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِحَالٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُعَزِّرُ) رَقِيقَهُ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، فَاخْتُصَّ بِالْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. أَمَّا حُقُوقُ نَفْسِهِ، وَكَذَا حُقُوقُ غَيْرِهِ فَيَسْتَوْفِيهَا قَطْعًا (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ السَّيِّدَ (يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ) عَلَى رَقِيقِهِ (بِالْعُقُوبَةِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إقَامَةَ الْحَدِّ فَمَلَكَ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ بِهِ كَالْإِمَامِ. وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ سَمَاعَهَا مُخْتَصٌّ بِالْحُكَّامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ النَّظَرُ فِي تَزْكِيَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا بُدَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ عِلْمِهِ بِصِفَاتِ الشُّهُودِ وَأَحْكَامِ الْحُدُودِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِغَيْرِهَا، فَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ بِزِنَاهُ عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا، أَوْ قَضَى بِمَا شَاهَدَهُ مِنْ زِنَاهُ جَازَ، وَخَرَجَ بِكَوْنِهِ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الْبَيِّنَةِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا فَلَا يَسْمَعُهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِسَمَاعِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>