للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرَّجْمُ بِمَدَرٍ وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ، وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ، وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ

ــ

[مغني المحتاج]

لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ سَمَاعُهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِسَمَاعِهَا، فَلَا يَحُدُّونَ بِبَيِّنَةٍ بَلْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِمُشَاهَدَةٍ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَصَّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ وَجُرْحُهَا وَتَعْدِيلُهَا بِالرَّجُلِ الْعَدْلِ لَا مُطْلَقًا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ السَّيِّدَ هُنَا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ يُوهِمُ طَرْدَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَهْلِيَّةِ فِي سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، وَعَلَى هَذَا فَيَخْرُجُ الْفَاسِقُ وَالْمُكَاتَبُ اهـ.

وَقَالَ شَيْخِي: الْمُرَادُ بِكَوْنِ فِيهِ أَهْلِيَّةُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنْ يَعْرِفَ أَحْكَامَ الْحُدُودِ وَصِفَاتِ الشُّهُودِ، وَعَلَى هَذَا فَيَسْمَعُهَا الْفَاسِقُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَوَلَّى لِعَانَ عَبْدِهِ فِيمَا إذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ لِسَيِّدِهِ بِأَنْ يُلَاعِنَ بَيْنَهُمَا؟ وَجْهَانِ: أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ.

ثُمَّ أَخَذَ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالْآلَةِ الَّتِي يُرْجَمُ بِهَا فَقَالَ (وَالرَّجْمُ) لِلْمُحْصَنِ إلَى مَوْتِهِ (بِمَدَرٍ) أَيْ: طِينٍ مُتَحَجِّرٍ (وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) أَيْ: مِلْءَ الْكَفِّ كَمَا اخْتَارَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لَا بِحَصَيَاتٍ خَفِيفَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ تَعْذِيبُهُ، وَلَا بِصَخْرَاتٍ تُذَفِّفُهُ فَيَفُوتُ التَّنْكِيلُ الْمَقْصُودُ: كَذَا قَالَاهُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ يُرْمَى بِالْخَفِيفِ وَالثَّقِيلِ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِدُهُ الرَّامِي وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَالِاخْتِيَارُ فِي حَجَرِ الرَّمْيِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَكُونَ مِلْءَ الْكَفِّ.

تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ بَدَنِ الْمُحْصَنِ. مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ الْمُقَاتَلِ وَغَيْرِهَا، لَكِنْ يَخْتَارُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ، وَيَكُونَ مَوْقِفُ الرَّامِي بِحَيْثُ لَا يَبْعُدُ عَنْهُ فَيُخْطِئَهُ وَلَا يَدْنُو مِنْهُ فَيُؤْلِمَهُ. قَالَ: وَالْأَوْلَى لِمَنْ حَضَرَ أَنْ يَرْجُمَهُ إنْ رُجِمَ بِالْبَيِّنَةِ وَأَنْ يَمْسِكَ عَنْهُ إنْ رُجِمَ بِالْإِقْرَارِ. قَالَ: وَيَنْبَغِي: أَيْ: يَجِبُ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَةَ الرَّجُلِ وَجَمِيعَ بَدَنِ الْحُرَّةِ عِنْدَ الرَّجْمِ، وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُقَيَّدُ (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) عِنْدَ رَجْمِهِ سَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ بِإِقْرَارٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ، فَيُسَنُّ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ حُفْرَةٌ يَنْزِلُ فِيهَا إلَى وَسَطِهِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ الْهَرَبِ، أَوْ بِإِقْرَارٍ فَلَا يُسَنُّ (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ) أَيْ الْحَفْرِ (لِلْمَرْأَةِ) إلَى صَدْرِهَا (إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) لِئَلَّا تَنْكَشِفَ، وَالظَّاهِرُ مِنْ الشُّهُودِ عَدَمُ الرُّجُوعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ. وَالثَّانِي يُحْفَرُ لَهَا مُطْلَقًا فَقَدْ ثَبَتَ الْحَفْرُ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مُقِرَّةً.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ: بِأَنَّ ذَلِكَ فُعِلَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ (وَلَا يُؤَخَّرُ) الرَّجْمُ (لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) سَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُهُ لِلنَّدْبِ إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>