للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطُهُ نَصْبُ فَقَارَهُ، فَإِنْ وَقَفَ مُنْحَنِيًا أَوْ مَائِلًا بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا لَمْ يَصِحَّ.

فَإِنْ لَمْ يُطِقْ انْتِصَابًا، وَصَارَ كَرَاكِعٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ كَذَلِكَ، وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ

وَلَوْ أَمْكَنَهُ

الْقِيَامُ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَامَ وَفَعَلَهُمَا بِقَدْرِ إمْكَانِهِ.

وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ.

وَافْتِرَاشُهُ

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُسْلِمِينَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَتَنَاوَلَهُ كَلَامُهُ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أُخِّرَ الْقِيَامُ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرُ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ فَقَطْ، فَلِذَا قُدِّمَا عَلَيْهِ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقِيَامِ (نَصْبُ فَقَارِهَ) أَيْ الْمُصَلِّي، وَهُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ عِظَامٌ مِنْ الظَّهْرِ أَوْ مَفَاصِلِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْقِيَامِ دَائِرٌ مَعَهُ، لَا نَصْبَ رَقَبَتِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إطْرَاقُ الرَّأْسِ (فَإِنْ وَقَفَ مُنْحَنِيًا) إلَى قُدَّامِهِ أَوْ خَلْفِهِ (أَوْ مَائِلًا) إلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ (بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا لَمْ يَصِحَّ) قِيَامُهُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ بِلَا عُذْرٍ.

وَالِانْحِنَاءُ السَّالِبُ لِلِاسْمِ: أَنْ يَصِيرَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ صَحَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ كَجِدَارٍ أَجْزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَوْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ لَسَقَطَ لِوُجُودِ اسْمِ الْقِيَامِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَرْفَعُ قَدَمَيْهِ إنْ شَاءَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا بَلْ مُعَلِّقًا نَفْسَهُ.

(فَإِنْ لَمْ يُطِقْ انْتِصَابًا) لِنَحْوُ مَرَضٍ كَكِبَرٍ (وَصَارَ كَرَاكِعٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ) وُجُوبًا (كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ (وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ) عَلَى الزِّيَادَةِ لِيَتَمَيَّزَ الرُّكْنَانِ.

وَالثَّانِي: لَا بَلْ يَقْعُدُ، فَإِذَا وَصَلَ إلَى الرُّكُوعِ لَزِمَهُ الِارْتِفَاعُ؛ لِأَنَّ حَدَّ الرُّكُوعِ يُفَارِقُ حَدَّ الْقِيَامِ، فَلَا يَتَأَدَّى هَذَا بِذَاكَ.

(وَلَوْ أَمْكَنَهُ) الْقِيَامُ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ الْقِيَامُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَيْسُورُهُ.

أَوْ أَمْكَنَهُ (الْقِيَامُ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) لِعِلَّةٍ بِظَهْرِهِ مَثَلًا تَمْنَعُ الِانْحِنَاءَ (قَامَ) وُجُوبًا (وَفَعَلَهُمَا بِقَدْرِ إمْكَانِهِ) فِي الِانْحِنَاءِ لَهُمَا بِالصُّلْبِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فَإِنْ عَجَزَ فَبِالرَّقَبَةِ وَالرَّأْسِ، فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ إلَيْهِمَا.

وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ دُونَ السُّجُودِ أَتَى بِهِ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً لِلرُّكُوعِ وَمَرَّةً لِلسُّجُودِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى الرُّكُوعِ لَزِمَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الرُّكُوعِ عَلَى حَدِّ الْكَمَالِ وَيَأْتِيَ بِالزِّيَادَةِ لِلسُّجُودِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالِاضْطِجَاعِ فَقَطْ قَامَ بَدَلَ الْقُعُودِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ: لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ، وَأَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إمْكَانَهُ وَتَشَهَّدَ قَائِمًا (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ قَعَدَ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلِلْإِجْمَاعِ (كَيْفَ شَاءَ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِ الْمُصَلِّي قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا نَعْنِي بِالْعَجْزِ عَدَمُ الْإِمْكَانِ فَقَطْ، بَلْ فِي مَعْنَاهُ خَوْفُ الْهَلَاكِ أَوْ الْغَرَقِ وَزِيَادَةُ الْمَرَضِ، أَوْ لِخَوْفِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، أَوْ دَوَرَانِ الرَّأْسِ فِي حَقِّ رَاكِبِ السَّفِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ.

قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِي ضَبْطِ الْعَجْزِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ اهـ.

وَجَمَعَ شَيْخِي بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ بِأَنَّ إذْهَابَ الْخُشُوعِ يَنْشَأُ عَنْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ.

(وَ) لَكِنْ (افْتِرَاشُهُ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>