أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ فِي الْأَظْهَرِ.
وَيُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى وَرِكَيْهِ نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَنْحَنِي لِرُكُوعِهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي جَبْهَتُهُ مَا قُدَّامُ رُكْبَتَيْهِ، وَالْأَكْمَلُ أَنْ تُحَاذِيَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ.
فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ صَلَّى لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، فَإِنْ عَجَزَ فَمُسْتَلْقِيًا.
ــ
[مغني المحتاج]
مَوْضِعِ قِيَامِهِ (أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ) وَغَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا هَيْئَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا.
وَالثَّانِي تَرْبِيعُهُ أَفْضَلُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ.
وَقِيلَ: إنَّ تَرْبِيعَ الْمَرْأَةِ أَفْضَلُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، وَقِيلَ: التَّوَرُّكُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي.
فَإِنْ قِيلَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِبَارَةِ تَفْضِيلُ الِافْتِرَاشِ عَلَى سَائِرِ الْهَيْئَاتِ بَلْ عَلَى التَّرْبِيعِ فَقَطْ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالتَّرْبِيعِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا فَضَلَ عَلَى التَّرْبِيعِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى التَّرْبِيعِ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى التَّوَرُّكِ؛ لِأَنَّ التَّوَرُّكَ قُعُودُ عِبَادَةٍ، بِخِلَافِ التَّرْبِيعِ، وَإِنَّمَا فُضِّلَ الِافْتِرَاشُ عَلَى التَّوَرُّكِ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ يَعْقُبُهُ حَرَكَةٌ فَأَشْبَهَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، فَلَوْ أَطْلَقَ كَالْمُحَرَّرِ أَوْ زَادَ مَا قَدَّرْتُهُ كَانَ أَوْلَى.
(وَيُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ) هُنَا وَفِي سَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَفُسِّرَ الْإِقْعَاءُ بِتَفَاسِيرَ أَحْسَنُهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ يَجْلِسَ) الْمُصَلِّي (عَلَى وَرِكَيْهِ) وَهُمَا أَصْلُ فَخْذَيْهِ (نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ) بِأَنْ يُلْصِقَ أَلْيَيْهِ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ، وَيَنْصِبَ فَخْذَيْهِ وَسَاقَيْهِ كَهَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِ، وَضَمَّ إلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَوَجْهُ النَّهْيِ عَنْهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْكَلْبِ وَالْقِرْدِ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.
وَمِنْ الْإِقْعَاءِ نَوْعٌ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَنْ يَفْرِشَ رِجْلَيْهِ وَيَضَعَ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَجَعَلَهُ الرَّافِعِيُّ أَحَدَ الْأَوْجُهِ فِي تَفْسِيرِ الْإِقْعَاءِ الْمَكْرُوهِ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ تَفْسِيرٌ ثَانٍ لِلْمَكْرُوهِ، وَفَسَّرَ الْبَيْهَقِيُّ الْمُسْتَحَبَّ بِأَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ بِالْأَرْضِ وَأَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَفِي الْبُوَيْطِيِّ نَحْوَهُ، وَظَاهِرُهُ نَصْبُ قَدَمَيْهِ لَا فَرْشُهُمَا.
وَالتَّفْسِيرُ الثَّالِثُ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَقْعُدَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ (ثُمَّ يَنْحَنِي) الْمُصَلِّي قَاعِدًا (لِرُكُوعِهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي) أَيْ تُقَابِلُ (جَبْهَتُهُ مَا قُدَّامُ رُكْبَتَيْهِ) وَهَذَا أَقَلُّ رُكُوعِهِ (وَالْأَكْمَلُ أَنْ تُحَاذِيَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُضَاهِي رُكُوعَ الْقَائِمِ فِي الْمُحَاذَاةِ فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ.
(فَإِنْ عَجَزَ) الْمُصَلِّي (عَنْ الْقُعُودِ) بِأَنْ نَالَهُ مِنْ الْقُعُودِ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْقِيَامِ (صَلَّى لِجَنْبِهِ) مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وُجُوبًا لِحَدِيثِ عِمْرَانَ السَّابِقِ: وَكَالْمَيِّتِ فِي اللَّحْدِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى (الْأَيْمَنِ) وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَيْسَرِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْجَنْبِ (فَمُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ وَأُخْمُصَاهُ لِلْقِبْلَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ تَحْتَ رَأْسِهِ لِيَسْتَقْبِلَ بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكَعْبَةِ وَهِيَ مَسْقُوفَةٌ، فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ، وَكَذَا عَلَى وَجْهِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْقَفَةً؛ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَوَجَّهَ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِجُزْءٍ مِنْهَا، وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِقَدْرِ إمْكَانِهِ، فَإِنْ قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ فَقَطْ كَرَّرَهُ لِلسُّجُودِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ تَعَيَّنَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ عَلَى الْمُتَمَكِّنِ.
وَلَوْ عَجَزَ عَنْ