للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبُعًا قُطِعَ، وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبُعٍ جَهِلَهُ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى، وَإِلَّا قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

عِلْمُ السَّارِقِ بُلُوغَ مَا سَرَقَهُ نِصَابًا.

(وَ) حِينَئِذٍ (لَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تُسَاوِي) أَيْ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا (رُبُعًا) مِنْ دِينَارٍ (قُطِعَ) لِأَنَّهُ قَصَدَ سَرِقَةَ عَيْنِهَا وَهِيَ تُسَاوِي رُبُعًا، وَلِوُجُودِ الِاسْمِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ سَرَقَ مِنْ دَارٍ وَهُوَ يَظُنُّهَا لَهُ وَالْمَالُ مِلْكُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَرَجَّحَهُ، فَهَلَّا أُلْحِقَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِمَا فِي الْمَتْنِ كَمَا قَالَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ؟ .

أُجِيبَ أَنَّ ظَنَّ الْمِلْكِ شُبْهَةٌ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا، بِخِلَافِ الْفُلُوسِ فَإِنَّهُ قَصَدَ السَّرِقَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ فُلُوسًا ظَنَّهَا دَنَانِيرَ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ الْفُلُوسِ نِصَابًا فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ جَرْيًا مَعَ الِاسْمِ وُجُودًا وَعَدَمًا (وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ) بِمُثَلَّثَةٍ فِيهِمَا قِيمَتُهُ دُونَ رُبُعٍ (فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبُعٍ جَهِلَهُ) السَّارِقُ يُقْطَعُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ عَلَى قَصْدِ السَّرِقَةِ، وَالْجَهْلُ بِجِنْسِ الْمَسْرُوقِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْجَهْلِ بِصِفَتِهِ، وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ نَظَرًا إلَى الْجَهْلِ.

(وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ) فِي (مَرَّتَيْنِ) مَثَلًا كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ نِصَابٍ بِأَنْ أَخْرَجَ مَرَّةً بَعْضَهُ وَمَرَّةً بَاقِيَهُ (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) بِأَنْ أَعَادَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ بِإِغْلَاقِ بَابِهِ أَوْ سَدِّ نَقْبِهِ أَوْ نَحْوِهِ (فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى) فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَلَمْ تَبْلُغْ نِصَابًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ وَلَمْ يَعْدُ الْحِرْزَ بِأَنْ انْتَفَيَا (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ اُشْتُهِرَ هَتْكُ الْحِرْزُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ؛ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا كَامِلًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَخْرَجَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ فِعْلَ الشَّخْصِ يَنْبَنِي عَلَى فِعْلِهِ، وَلِهَذَا لَوْ جَرَحَ شَخْصًا ثُمَّ قَتَلَهُ دَخَلَ الْأَرْشُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ، وَلَوْ جُرِحَ وَاحِدٌ وَقُتِلَ آخَرُ لَمْ يَدْخُلْ. وَالثَّانِي لَا قَطْعَ لِأَنَّهُ أَخَذَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزٍ مَهْتُوكٍ. وَالثَّالِثُ إنْ اُشْتُهِرَ هَتْكُ الْحِرْزِ بَيْنَ الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِلَّا قُطِعَ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ وَأَعَادَ الْحِرْزَ غَيْرُهُ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُعِدْهُ قُطِعَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمَتْنِ، إذْ الْمَسْأَلَتَانِ دَاخِلَتَانِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا، فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا أَدْخَلْتهمَا. قُلْت: إنَّمَا أَخَّرْتهمَا تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِاخْتِصَاصِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ بِالصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِمَا عَدَمَ الْقَطْعِ وَرَأَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْقَطْعَ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ عَدَمَ الْقَطْعِ أَيْضًا.

تَنْبِيهٌ نَاقَشَ الرَّافِعِيُّ الْوَجِيزَ فِي إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا. وَقَالَ: لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالنِّصَابِ فَإِنَّ النَّظَرَ فِيهَا إلَى كَيْفِيَّةِ الْإِحْرَاجِ فَإِيرَادُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَلْيَقُ، ثُمَّ خَالَفَ فِي الْمُحَرَّرِ فَذَكَرَهَا وَالْأَلْيَقُ ذِكْرُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ نَقَّبَ وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي السَّرِقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>