وَلَوْ نَقَّبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا فَانْصَبَّ نِصَابٌ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ قُطِعَا، وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا وَكَلْبًا وَجِلْدَ مَيِّتَةٍ بِلَا دَبْغٍ فَلَا قَطْعَ، فَإِنْ بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ.
ــ
[مغني المحتاج]
أَخْذُ السَّارِقِ النِّصَابَ بِيَدِهِ مِنْ الْحِرْزِ.
(وَ) حِينَئِذٍ (لَوْ نَقَّبَ وِعَاءَ) أَيْ طَرَفَ (حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا) كَوِعَاءِ زَيْتٍ (فَانْصَبَّ نِصَابٌ) أَيْ: شَيْءٌ مُقَوَّمٌ بِرُبُعِ دِينَارٍ (قُطِعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا قَطْعَ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِسَبَبِهِ، وَالسَّبَبُ ضَعِيفٌ لَا يُقْطَعُ بِهِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا انْصَبَّ النِّصَابُ عَلَى التَّدْرِيجِ شَيْئًا فَشَيْئًا كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، فَإِنْ انْصَبَّ دَفْعَةً قُطِعَ قَطْعًا وَمِنْ صُوَرِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ طَرُّ الْجَيْبِ وَالْكُمِّ، وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ، وَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ قُطِعَ بِسَرِقَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ حِرْزًا وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ مَالًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي السَّارِقِ الِاتِّحَادُ.
(وَ) حِينَئِذٍ (لَوْ اشْتَرَكَا) أَيْ سَارِقَانِ مُكَلَّفَانِ (فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ) فَأَكْثَرَ مِنْ حِرْزٍ (قُطِعَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَرَقَ نِصَابًا، وَقَيَّدَهُ الْقَمُولِيُّ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُطِيقُ حَمْلَ مَا يُسَاوِي نِصَابًا. أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُطِيقُ ذَلِكَ وَالْآخَرُ يُطِيقُ حَمْلَ مَا فَوْقَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ، وَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ فَلَا نَظَرَ إلَى ضَعْفِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمُخْرَجُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابَيْنِ (فَلَا) قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَسْرِقْ نِصَابًا، وَخَرَجَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِخْرَاجِ مَا لَوْ تَمَيَّزَا فِيهِ فَيُقْطَعُ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا كَانَا مُسْتَقِلِّينَ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: فَالظَّاهِرُ قَطْعُ الْمُكَلَّفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْرَجُ نِصَابًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْآلَةِ لَهُ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُكَلَّفُ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَسْرُوقِ كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا (وَ) حِينَئِذٍ (لَوْ سَرَقَ) أَيْ: أَخْرَجَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (خَمْرًا) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً (وَخِنْزِيرًا وَكَلْبًا) وَلَوْ مُقْتَنَى (وَجِلْدَ مَيِّتَةٍ بِلَا دَبْغٍ فَلَا قَطْعَ) لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِلَا دَبْغٍ الْمَدْبُوغُ فَيُقْطَعُ بِهِ حَتَّى لَوْ دَبَغَهُ السَّارِقُ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَ سَرِقَةٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ إذَا قُلْنَا: بِأَنَّهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا دَبَغَهُ الْغَاصِبُ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ وَمِثْلُهُ مَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إذَا صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا بَعْدَ وَضْعِ السَّارِقِ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ (فَإِنْ بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ) بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ كَمَا إذَا سَرَقَ إنَاءً فِيهِ بَوْلٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِاتِّفَاقٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ مَا فِيهِ مُسْتَحِقُّ الْإِرَاقَةِ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَفْعِهِ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ الْخَمْرَ لَوْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةِ الْإِرَاقَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَرَاقَ الْخَمْرَ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ خَرَجَ بِالْإِنَاءِ أَنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا، وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ وَلَمْ يُظْهِرْ شُرْبَهَا وَلَا بَيْعَهَا أَنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا، فَإِنْ أَظْهَر ذَلِكَ جَاءَ الْخِلَافُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute