وَلَا قَطْعَ فِي طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ نِصَابًا قُطِعَ. قُلْت: الثَّانِي أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِي كَوْنُهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ.
فَلَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ نَقَصَ فِيهِ عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا إذَا قَصَدَ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ السَّرِقَةَ. أَمَّا لَوْ قَصَدَ تَغْيِيرَهَا بِدُخُولِهِ أَوْ بِإِخْرَاجِهَا فَلَا قَطْعَ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْأُولَى، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهَا فِي الْأُولَى أَوْ دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضِ فِيهِمَا وَكَلَامِ أَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ.
(وَلَا قَطْعَ) فِي أَخْذِ مَا سَلَّطَ الشَّرْعُ عَلَى كَسْرِهِ كَمَا (فِي طُنْبُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ، وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا طِنْبَارٌ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (وَنَحْوِهِ) كَمِزْمَارٍ وَصَنَمٍ وَصَلِيبٍ، لِأَنَّ التَّوَصُّلَ إلَى إزَالَةِ الْمَعْصِيَةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَصَارَ شُبْهَةً كَإِرَاقَةِ الْخَمْرِ (وَقِيلَ: إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ نِصَابًا قُطِعَ) لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ (قُلْت) هَذَا (الثَّانِي أَصَحُّ) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَيَشْهَدُ لَهُ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا سَرَقَ مَا لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْجِلْدُ وَالْقِرْطَاسُ يَبْلُغُ نِصَابًا.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّغْيِيرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنْ قَصَدَ بِإِخْرَاجِهِ تَيْسِيرَ تَغْيِيرٍ فَلَا قَطْعَ قَطْعًا، وَمَا إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ قُطِعَ قَطْعًا، وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ إنَاءِ النَّقْدِ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَّا إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ لِيُشْهِرَهُ بِالْكَسْرِ، وَلَوْ كَسَرَ إنَاءَ الْخَمْرِ أَوْ الطُّنْبُورِ وَنَحْوَهُ أَوْ إنَاءَ النَّقْدِ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ قُطِعَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا كَحُكْمِ الصَّحِيحِ.
(الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الْمَسْرُوقِ (كَونه مِلْكًا لِغَيْرِهِ) أَيْ: السَّارِقِ فَلَا يُقْطَعُ لِسَرِقَةِ مَالِهِ الَّذِي بِيَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ مُؤَجَّرًا، وَلَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ وَلَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ سَرَقَ مَا اُتُّهِبَ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِمَا، وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةِ وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِهِ مِلْكًا لِغَيْرِهِ وَعَدَمِ الْقَطْعِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَلَوْ سَرَقَ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ مَالًا آخَرَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ سَرَقَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ قُطِعَ فِي الصُّورَتَيْنِ. أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَقْتَرِنْ، بِالْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِالْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْقَبُولِ مَعَ تُمَكِّنهُ مِنْهُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ، وَأَيْضًا الْقَبُولُ وُجِدَ ثَمَّ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا، وَلَوْ سَرَقَ الْمُوصَى بِهِ فَقِيرٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يُقْطَعْ كَسَرِقَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَهُ الْغَنِيُّ.
تَنْبِيهٌ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ كَوْنَ الْمَسْرُوقِ مِلْكَ غَيْرِهِ حَالَةَ أَخْرَجَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَلَوْ مَلَكَهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ أَوْ بَعْضَهُ (بِإِرْثٍ وَغَيْرِهِ) كَشِرَاءٍ (قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ) لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَكِنْ (نَقَصَ فِيهِ) أَيْ: الْحِرْزِ (عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ) لِبَعْضِهِ (وَغَيْرِهِ) كَإِحْرَاقٍ (لَمْ يُقْطَعْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute