وَلَوْ غَصَبَ مَالًا وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْمَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدٌ وَدِيعَةً.
وَلَوْ نَقَبَ وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ بِدَارِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ فَسُرِقَ هَلْ يُقْطَعُ سَارِقُهُ؟ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: قِيلَ: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ لَا يَكُونُ حِرْزًا فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ حِرْزًا، وَقِيلَ: يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْحِرْزَ يَرْجِعُ إلَى صَوْنِ الْمَتَاعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا. قَالَ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَقِّ عِنْدِي اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: غَصَبَ حِرْزًا.
(وَلَوْ غَصَبَ مَالًا) أَوْ سَرَقَهُ (وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ، أَوْ) سَرَقَ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْهُ الْمَالَ (الْمَغْصُوبَ) أَوْ الْمَسْرُوقَ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْمَالِكِ فَلِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، فَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ يَأْخُذُهُ وَهُوَ مُحْرَزٌ عَنْهُ. وَالثَّانِي يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَالِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَخَصَّصَ الْمُحَقِّقُونَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَالِكِ بِمَا إذَا كَانَ مَالُ الْغَاصِبِ مُتَمَيِّزًا عَنْ مَالِهِ فَأَخَذَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَخْلُوطًا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَلَا قَطْعَ فِيهِ جَزْمًا. وَأَمَّا فِي الْأَجْنَبِيِّ فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ. وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ حِرْزٌ فِي نَفْسِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مَالَ الْغَاصِبِ، عَمَّا لَوْ سَرَقَ مَالَ نَفْسِهِ وَحْدَهُ فَلَا قَطْعَ قَطْعًا، وَبِقَوْلِهِ: أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْمَغْصُوبَ عَمَّا لَوْ سَرَقَ الْأَجْنَبِيُّ غَيْرَ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ، إشَارَةٌ لِتَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِدُخُولِ الْأَجْنَبِيِّ بِقَصْدِ سَرِقَةِ الْمَغْصُوبِ. أَمَّا إذَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ فَلَا يُقْطَعُ جَزْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّرِقَةَ أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً كَمَا مَرَّ (وَ) حِينَئِذٍ (لَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ مَعَ مُعَايَنَةِ الْمَالِكِ (وَ) لَا (مُنْتَهِبٌ) وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ عَيَانًا وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْقُوَّةِ وَالْغَلَبَةِ (وَ) لَا (جَاحِدٌ) أَيْ: مُنْكِرٌ (وَدِيعَةً) وَعَارِيَّةً لِحَدِيثِ «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ قَطْعٌ» ، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفَرَّقَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّارِقِ بِأَنَّ السَّارِقَ يَأْخُذُ الْمَالَ خُفْيَةً، وَلَا يَتَأَتَّى مَنْعُهُ فَشُرِعَ الْقَطْعُ زَجْرًا لَهُ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَقْصِدُونَهُ عَيَانًا فَيُمْكِنُ مَنْعُهُمْ بِالسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَعَلَّ هَذَا حُكْمٌ عَلَى الْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَالْجَاحِدُ لَا يَقْصِدُ الْأَخْذَ عِنْدَ جُحُودِهِ عَيَانًا فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ بِالسُّلْطَانِ وَلَا غَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ دَخَلَ فِي تَفْسِيرِهِمْ الْمُنْتَهِبَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُخْرِجُهُ.
(وَلَوْ نَقَبَ) فِي لَيْلَةٍ وَلَمْ يَسْرِقْ (وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى) قَبْلَ إعَادَةِ الْحِرْزِ (فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ نَقَبَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَسَرَقَ فِي آخِرِهِ. وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ، وَالْأَوَّلُ أَبْقَى الْحِرْزَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَإِنْ أُعِيدَ الْحِرْزُ فَسَرَقَ قُطِعَ جَزْمًا كَمَا سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ إخْرَاجِ نِصَابٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute