للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: هَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ لِمَالِكِ النَّقْبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ فَلَا قَطْعَ.

وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ قُطِعَ الْمُخْرِجُ.

ــ

[مغني المحتاج]

حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى عَمَّا لَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ النِّصَابَ عَقِبَ النَّقْبِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ جَزْمًا (قُلْتُ) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (هَذَا) أَيْ: الْقَطْعُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (إذَا لَمْ يُعْلَمْ لِمَالِكِ النَّقْبِ وَلَمْ يَظْهَرْ) بِأَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ (لِلطَّارِقِينَ) لِخَفَائِهِ عَلَيْهِمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْمَالِكُ النَّقْبَ، أَوْ ظَهَرَ لِلطَّارِقِينَ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَرَقَهُ غَيْرُهُ. فَإِنْ قِيلَ: مَا جُزِمَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ عِنْدَ الِاشْتِهَارِ يُخَالِفُ مَا رَجَّحَهُ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِاشْتِهَارِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَمَّ تَمَّمَ السَّرِقَةَ لَمْ يَضُرَّ فِيهَا الِاشْتِهَارُ، وَهُنَا ابْتَدَأَهَا.

تَنْبِيهٌ يَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ إثْبَاتُ حَرْفِ النَّفْيِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَلَوْ نَقَبَهُ) شَخْصٌ (وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ) الْمَالَ مِنْ النَّقْبِ وَلَوْ فِي الْحَالِ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ النَّاقِبَ لَمْ يَسْرِقْ، وَالْآخِذُ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَيَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ الْجِدَارِ، وَعَلَى الثَّانِي ضَمَانُ الْمَأْخُوذِ.

تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ، وَصُورَتُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا حَافِظٌ قَرِيبٌ مِنْ النَّقْبِ وَهُوَ يُلَاحِظُ الْمَتَاعَ فَالْمَالُ مُحْرَزٌ بِهِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ الْحَافِظُ نَائِمًا فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَنْ نَامَ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ، وَمَحَلُّ مَنْعِ الْقَطْعِ عَلَى النَّاقِبِ إذَا كَانَ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْبِنَاءِ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِلَّا فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْجِدَارَ حِرْزٌ لِآلَةِ الْبِنَاءِ، وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلدَّبِيلِيِّ: إذَا نَقَبَ حَائِطًا فَأَخْرَجَ مِنْهُ آجُرًّا. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ بَلَغَ قِيمَةُ الْآجُرِّ مِقْدَارًا يَجِبُ بِهِ الْقَطْعُ قُطِعَ. انْتَهَى؛ فَيَكُونُ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ بِقَوْلِهِمْ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ أَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مَا فِي الْحِرْزِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُخْرِجُ مُمَيِّزًا.

أَمَّا لَوْ نَقَبَ ثُمَّ أَمَرَ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ نَحْوَهُ بِالْإِخْرَاجِ فَأَخْرَجَ قُطِعَ الْآمِرُ، وَإِنْ أَمَرَ مُمَيِّزًا أَوْ قِرْدًا فَلَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ آلَةً لَهُ، وَلِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ كَالْقِرْدِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ اخْتِيَارَ الْقِرْدِ أَقْوَى. فَإِنْ قِيلَ لَهُ: لَوْ عَلَّمَهُ الْقَتْلَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ فَهَلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ هُنَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ، وَهَلْ الْقِرْدُ مِثَالٌ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ حَيَوَانٍ مُعَلَّمٍ أَوْ لَا؟ الَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ عَزَمَ عَلَى عِفْرِيتٍ فَأَخْرَجَ نِصَابًا هَلْ يُقْطَعُ أَوْ لَا؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا لَوْ أَكْرَهَ بَالِغًا مُمَيِّزًا عَلَى الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(وَلَوْ تَعَاوَنَا) أَيْ اثْنَانِ (فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ) لِنِصَابٍ فَأَكْثَرَ (أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ) أَيْ أَحَدُ النَّاقِبِينَ (بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ) مَعَ مُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي النَّقْبِ وَسَاوَى مَا أَخْرَجَهُ نِصَابًا فَأَكْثَرَ (قُطِعَ الْمُخْرِجُ) فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ السَّارِقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>