للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ شِرْذِمَةً بِقُوَّتِهِمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ، لَا لِقَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ، وَحَيْثُ يَلْحَقُ غَوْثٌ لَيْسَ بِقُطَّاعٍ، وَفَقْدُ الْغَوْثِ يَكُونُ لِلْبُعْدِ أَوْ لِضَعْفٍ وَقَدْ يَغْلِبُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي بَلَدٍ فَهُمْ قُطَّاعٌ.

وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَا نَفْسًا عَزَّرَهُمْ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ شِرْذِمَةً) وَهِيَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ: طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ (بِقُوَّتِهِمْ) لَوْ قَاوَمَهُمْ (قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ) لِاعْتِمَادِهِمْ عَلَى الشَّوْكَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَمَاعَةِ الْيَسِيرَةِ، وَإِنْ هَرَبُوا مِنْهُمْ وَتَرَكُوا الْأَمْوَالَ لِعِلْمِهِمْ بِعَجْزِ أَنْفُسِهِمْ عَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ.

تَنْبِيهٌ لَوْ سَاقَهُمْ اللُّصُوصُ مَعَ الْأَمْوَالِ إلَى دِيَارِهِمْ كَانُوا قُطَّاعًا فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا كَمَا قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ (لَا) قُطَّاعَ (لِقَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ) أَخَذُوا شَيْئًا مِنْهُمْ، إذْ لَا قُوَّةَ لَهُمْ مَعَ الْقَافِلَةِ الْكَبِيرَةِ، بَلْ هُمْ فِي حَقِّهِمْ مُخْتَلِسُونَ.

تَنْبِيهٌ لَوْ اسْتَسْلَمَ لَهُمْ الْقَادِرُونَ عَلَى دَفْعِهِمْ حَتَّى قُتِلُوا أَوْ أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ فَمُنْتَهَبُونَ لَا قُطَّاعَ، وَإِنْ كَانَ ضَامِنِينَ لِمَا أَخَذُوهُ لِأَنَّ مَا فَعَلُوهُ لَمْ يُصْدَرْ عَنْ شَوْكَتِهِمْ: بَلْ عَنْ تَفْرِيطِ الْقَافِلَةِ (وَحَيْثُ يَلْحَقُ غَوْثٌ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَبَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ عِنْدَ الِاسْتِغَاثَةِ، وَهِيَ كَقَوْلِ الشَّخْصِ: يَا غَوْثَاهُ (لَيْسَ) حِينَئِذٍ ذُو الشَّوْكَةِ بِمَنْ مَعَهُ (بِقُطَّاعٍ) بَلْ مُنْتَهِبُونَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغَاثَةِ (وَفَقْدُ الْغَوْثِ يَكُونُ لِلْبُعْدِ) عَنْ الْعُمْرَانِ وَعَسَاكِرِ السُّلْطَانِ (أَوْ) لِلْقُرْبِ لَكِنْ (لِضَعْفٍ) فِي السُّلْطَانِ كَذَا قَيَّدَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَاسْتُحْسِنَ إطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ الضَّعْفَ لِشَمُولِهِ مَا لَوْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ دَارًا لَيْلًا وَشَهَرُوا السِّلَاحَ وَمَنَعُوا أَهْلَ الدَّارِ مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ فَهُمْ قُطَّاعٌ عَلَى الصَّحِيحِ مَعَ قُوَّةِ السُّلْطَانِ وَحُضُورِهِ (وَ) ذَوُو الشَّوْكَةِ (قَدْ يَغْلِبُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ: ضَعْفُ السُّلْطَانِ أَوْ بُعْدُهُ أَوْ بُعْدُ أَعْوَانِهِ وَإِنْ كَانُوا (فِي بَلَدٍ) لَمْ يَخْرُجُوا مِنْهَا إلَى طَرَفِهَا وَلَا إلَى صَحْرَاءَ (فَهُمْ قُطَّاعٌ) لِوُجُودِ الشُّرُوطِ فِيهِمْ وَلِأَنَّهُمْ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْحَدُّ فِي الصَّحْرَاءِ وَهِيَ مَوْضِعُ الْخَوْفِ فَلَأَنْ يَجِبَ فِي الْبَلَدِ وَهِيَ مَوْضِعُ الْأَمْنِ أَوْلَى لِعِظَمِ جَرَاءَتِهِمْ.

تَنْبِيهٌ أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ لَوْ تَسَاوَتْ الْفِرْقَتَانِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا خِلَافُهُ.

(وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ) أَيْ الْمَارِّينَ فِيهَا (وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا) أَيْ نِصَابًا (وَلَا) قَتَلُوا (نَفْسًا عَزَّرَهُمْ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) لِارْتِكَابِهِمْ مَعْصِيَةً وَهِيَ الْحِرَابَةُ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، وَهَذَا تَفْسِيرُ النَّفْيِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَالْأَمْرُ فِي جِنْسِ هَذَا التَّعْزِيرِ رَاجِعٌ إلَى الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ تَرْكُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَا يُقَدَّرُ الْحَبْسُ بِمُدَّةٍ: بَلْ يُسْتَدَامُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَقِيلَ: يُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ يُنْقِصُ مِنْهَا شَيْئًا لِئَلَّا يَزِيدَ عَلَى تَغْرِيبِ الْعَبْدِ فِي الزِّنَا، وَقِيلَ: يُقَدَّرُ بِسَنَةٍ يُنْقِصُ مِنْهَا شَيْئًا لِئَلَّا يَزِيدَ عَلَى تَغْرِيبِ الْحُرِّ فِي الزِّنَا وَالْحَبْسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ، وَقَوْلُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ صَرِيحٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>