للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُزِّرَ بِحَبْسٍ وَتَغْرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ إلَى حَيْثُ يَرَاهُ.

وَقَتْلُ الْقَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ، وَفِي قَوْلٍ الْحَدِّ

فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَذِمِّيٍّ.

وَلَوْ مَاتَ فَدِيَةٌ.

وَلَوْ قَتَلَ جَمْعًا قُتِلَ بِوَاحِدٍ، وَلِلْبَاقِينَ دِيَاتٌ.

وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ بِمَالٍ وَجَبَ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَيُقْتَلُ حَدًّا.

وَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ مَالًا نِصَابًا وَلَا قَتَلَ نَفْسًا (عُزِّرَ بِحَبْسٍ وَتَغْرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا) كَسَائِرِ الْمَعَاصِي، وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .

تَنْبِيهٌ الْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ: أَيْ: يُعَزِّرُهُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ، وَتَعْيِينُهُ لِرَأْيِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُخِيفَيْنِ (وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ إلَى حَيْثُ) أَيُّ مَكَان (يَرَاهُ) الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ عُقُوبَتَهُ فِي الْآيَةِ النَّفْيُ، وَعَلَى هَذَا هَلْ يُعَزِّرُهُ فِي الْبَلَدِ الْمَنْفِيِّ إلَيْهِ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَمَا تَقْتَضِيه الْمَصْلَحَةُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمَعْنَى الْمُغَلَّبِ فِي قَتْلِ الْقَاطِعِ بِقَوْلِهِ (وَقَتْلُ الْقَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ. وَالْأَصْلُ فِيمَا اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِبِنَائِهِ عَلَى الضِّيقِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ بِلَا مُحَارَبَةٍ ثَبَتَ لِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فَكَيْفَ يُحْبَطُ حَقُّهُ بِقَتْلِهِ فِيهَا؟ (وَفِي قَوْلٍ) مَعْنَى (الْحَدِّ) وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَيَسْتَوْفِيه الْإِمَامُ بِدُونِ طَلَبِ الْوَلِيِّ.

وَفَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَسَائِلَ خَمْسَةً ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقْتَلُ) وَالِدٌ (بِوَلَدِهِ) الَّذِي قَتَلَهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (وَ) لَا (ذِمِّيٍّ) إذَا كَانَ هُوَ مُسْلِمًا، وَلَا نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يُكَافِئُهُ كَعَبْدٍ وَالْقَاطِعُ حُرٌّ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ، وَعَلَى الثَّانِي يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مَعْصُومٍ كَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ.

(وَلَوْ مَاتَ) الْقَاطِعُ مِنْ غَيْرِ قَتْلِهِ قِصَاصًا (فَدِيَةٌ) عَلَى الْأَوَّلِ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي قَتْلِ حُرٍّ وَقِيمَةٌ فِي قَتْلِ عَبْدٍ، وَعَلَى الثَّانِي لَا شَيْءَ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الدِّيَةِ.

(وَلَوْ قَتَلَ جَمْعًا) مَعًا (قُتِلَ بِوَاحِدٍ) مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ (وَلِلْبَاقِينَ دِيَاتٌ) عَلَى الْأَوَّلِ كَالْقِصَاصِ، وَعَلَى الثَّانِي يُقْتَلُ بِهِمْ. أَمَّا إذَا قَتَلَهُمْ مُرَتَّبًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَتْمًا بِأَوَّلِهِمْ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْمَتْنِ خِلَافَهُ، حَتَّى لَوْ عَفَا وَلِيُّهُ لَمْ يَسْقُطْ لِتَحَتُّمِهِ.

(وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (وَلِيُّهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (بِمَالٍ) أَيْ: عَلَيْهِ صَحَّ الْعَفْوُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَ (وَجَبَ) الْمَالُ (وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) عَنْهُ (وَيُقْتَلُ) بَعْدَ ذَلِكَ (حَدًّا) كَمَا لَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى مُرْتَدٍّ فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ، وَعَلَى الثَّانِي فَالْعَفْوُ لَغْوٌ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ لَغْوٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاطِعَ لَمْ يَسْتَفِدْ بِالْعَفْوِ شَيْئًا لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ بِالْمُحَارَبَةِ.

(وَلَوْ قَتَلَ) الْقَاطِعُ شَخْصًا (بِمُثْقَلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ) أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ (فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ) عَلَى الْأَوَّلِ تَغْلِيبًا لِلْقِصَاصِ، وَعَلَى الثَّانِي يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كَالْمُرْتَدِّ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَا نَظَرَ إلَى الْمُمَاثَلَةِ.

تَنْبِيهٌ مِنْ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ أَيْضًا مَا لَوْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>