وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ.
لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ
ــ
[مغني المحتاج]
تَكُونُ بِالْمُنَادَاةِ أَوْ الْكِتَابِ أَوْ الرِّسَالَةِ اهـ.
وَلَوْ سَلَّمَ الْأَصَمُّ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ، أَمَّا اللَّفْظُ فَلِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْإِشَارَةُ فَلِيَحْصُلَ بِهَا الْإِفْهَامُ، وَيَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ، وَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِنْ رَدَّ عَلَيْهِ لِيَحْصُلَ بِهِ الْإِفْهَامُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْجَوَابِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِشَارَةُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَسَلَامُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ مُعْتَدٌّ بِهِ وَكَذَا رَدُّهُ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ سَلَّمَ ذِمِّيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ لَهُ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَعَلَيْكَ فَقَطْ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: السَّامُ عَلَيْكَ فَقُولُوا وَعَلَيْكَ» وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ يَرْوِي عَلَيْكُمْ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَذَفَهَا صَارَ قَوْلُهُمْ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ وَإِذَا ذَكَرَهَا وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ مَعَهُمْ وَالدُّخُولُ فِيمَا قَالُوهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمَعْنَى: وَنَحْنُ نَدْعُو عَلَيْكُمْ بِمَا دَعَوْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا، عَلَى أَنَّا إذَا فَسَّرْنَا السَّامَ بِالْمَوْتِ فَلَا إشْكَالَ لِاشْتِرَاكِ الْخَلْقِ فِيهِ.
فَرْعٌ: لَوْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ وَرَضِيَ أَنْ لَا يَرُدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ فَرْضُ الرَّدِّ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَيَأْثَمُ بِتَعْطِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِتَعْطِيلِهِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ الْمَحِلِّ، وَكَذَا يَأْثَمُ قَرِيبٌ مِنْهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ، وَيَخْتَلِفُ هَذَا بِكِبَرِ الْبَلَدِ وَصِغَرِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ قَامَ بِهِ الْجَمِيعُ فَكُلُّهُمْ مُؤَدٍّ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَإِنْ تَرَتَّبُوا فِي أَدَائِهِ، قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: وَالْقِيَامُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْهُ وَعَنْ الْأُمَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ.
(وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ السَّلَامِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى عَلَى الصَّبِيِّ، وَهُوَ سُنَّةُ عَيْنٍ إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ وَاحِدًا، وَسُنَّةُ كِفَايَةٍ إنْ كَانَ جَمَاعَةً. أَمَّا كَوْنُهُ سُنَّةً فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: ٦١] أَيْ لِيُسَلِّمَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلِلْأَمْرِ بِإِفْشَاءِ السَّلَامِ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ كِفَايَةً فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ.
أَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ، وَهُوَ مَا لَوْ أَرْسَلَ سَلَامَهُ إلَى غَائِبٍ فَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ يَلْزَمُ الْمُرْسَلَ أَنْ يُبَلِّغَهُ فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَجِبُ أَدَاؤُهَا وَيَجِبُ الرَّدُّ كَمَا مَرَّ، وَيُسَنُّ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ وَابْتِدَاءُ السَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضٍ، وَنَظِيرُهُ إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ سُنَّةٌ وَإِنْظَارُهُ فَرْضٌ وَإِبْرَاؤُهُ أَفْضَلُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْقَاضِي: لَيْسَ لَنَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ غَيْرَ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ مِنْ الْجَمَاعَةِ أُورِدَ عَلَيْهِ مَسَائِلُ. مِنْهَا التَّسْمِيَةُ عَلَى الْأَكْلِ، وَمِنْهَا الْأُضْحِيَّةُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَمِنْهَا تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَمِنْهَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ.
وَ (لَا) يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ (عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute