وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ بَعْدَ فَرْزِ الْخُمُسِ وَجَوَازِهِ لِجَمِيعِهِمْ، وَبُطْلَانُهُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَسَالِب.
وَالْمُعْرِضُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَمَنْ مَاتَ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ، وَلَا تُمْلَكُ إلَّا بِقِسْمَةٍ.
وَلَهُمْ التَّمَلُّكُ، وَقِيلَ يَمْلِكُونَ، وَقِيلَ إنْ سَلِمَتْ إلَى الْقِسْمَةِ بَانَ مِلْكُهُمْ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَلَا يَجُوزُ لِلسَّفِيهِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ: كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالسِّرْجِينِ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فَهُوَ مَحْضُ عُقُوبَةٍ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي، فَلِهَذَا مَلَكَ الْعَفْوَ عَنْهُ. اهـ.
وَهَذَا يُقَوِّي كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ، وَفِي قِيَاسِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ حَاصِلٌ يُرِيدُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَمَّا بَعْدَهَا لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ، وَلَوْ قَالَ: قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَبْلَ الْقِسْمَةِ اخْتَرْتُ الْغَنِيمَةَ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ صِحَّةِ الْإِعْرَاضِ فِي الْأَصَحِّ، وَلِهَذَا قَدَّرْتُ فِي كَلَامِهِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (وَالْأَصَحُّ) الْمَنْصُوصُ (جَوَازُهُ) أَيْ إعْرَاضِ الْحُرِّ الرَّشِيدِ (بَعْدَ فَرْزِ الْخُمْسِ) وَقَبْلَ قِسْمَةِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ إفْرَازَ الْخُمْسِ لَا يَتَعَيَّنُ بِهِ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ، كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي مَنْعُهُ لِتَمَيُّزِ حَقِّ الْغَانِمِينَ (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُهُ) أَيْ الْإِعْرَاضِ (لِجَمِيعِهِمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ، وَيُصْرَفُ حَقُّهُمْ مَصْرِفَ الْخُمْسِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُصَحِّحَ لِلْإِعْرَاضِ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْجَمِيعَ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ مَصَارِفَ الْخُمْسِ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ (وَ) الْأَصَحُّ (بُطْلَانُهُ) أَيْ الْإِعْرَاضِ (مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى) الْمَذْكُورِينَ فِي بَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ فَيَتَنَاوَلُ إعْرَاضَ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ سَهْمَهُمْ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ، بَلْ هُوَ مِنْحَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَشْبَهَ الْإِرْثَ (وَ) مِنْ (سَالَبَ) وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ سَلَبَ مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّ السَّلَبَ مُتَعَيَّنٌ لَهُ كَالْمُتَعَيَّنِ بِالْقِسْمَةِ، وَالثَّانِي صِحَّتُهُ مِنْهُمَا كَالْغَانِمِينَ.
تَنْبِيهٌ: إنَّمَا خَصَّ ذَوِي الْقُرْبَى بِالذِّكْرِ دُونَ بَقِيَّة أَهْلِ الْخُمْسِ كَالْيَتَامَى؛ لِأَنَّهَا جِهَاتٌ عَامَّةٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إعْرَاضُ كَالْفُقَرَاءِ.
(وَالْمُعْرِضُ) مِنْ الْغَانِمِينَ عَنْ حَقِّهِ حُكْمُهُ (كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ) فَيَضُمُّ نَصِيبَهُ إلَى الْمَغْنَمِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُرْتَزَقَةِ وَأَهْلِ الْخُمْسِ، وَقِيلَ يَضُمُّ إلَى الْخُمْسِ خَاصَّةً (وَمَنْ) لَمْ يُعْرِضْ عَنْ الْغَنِيمَةِ، وَ (مَاتَ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ فَيَطْلُبُهُ أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُ (وَلَا تُمْلَكُ) الْغَنِيمَةُ (إلَّا بِقِسْمَةٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ مَلَكُوهَا بِالِاسْتِيلَاءِ كَالِاصْطِيَادِ، وَالتَّحَطُّبِ لَمْ يَصِحَّ إعْرَاضُهُمْ، وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ طَائِفَةٍ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ، وَلَوْ مَلَكُوا لَمْ يَصِحَّ إبْطَالُ حَقِّهِمْ مِنْ نَوْعٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ حَصْرَ مِلْكِهَا فِي الْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ تُمْلَكُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَإِمَّا بِالْقِسْمَةِ بِشَرْطِ الرِّضَا بِهَا، وَلِذَا قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ. وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِسْمَةُ لِتَضَمُّنِهَا اخْتِيَارَ التَّمَلُّكِ. اهـ. وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوا كَحَقِّ الشُّفْعَةِ كَمَا قَالَ.
(وَلَهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ بَيْنَ الْحِيَازَةِ وَالْقِسْمَةِ (التَّمَلُّكُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّمَلُّكِ ثَبَتَ لَهُمْ (وَقِيلَ يَمْلِكُونَ) الْغَنِيمَةَ بَعْدَ الْحِيَازَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِلْكًا ضَعِيفًا يَسْقُطُ بِالْإِعْرَاضِ (وَقِيلَ) الْمِلْكُ فِي الْغَنِيمَةِ مَوْقُوفٌ (إنْ سَلِمَتْ إلَى الْقِسْمَةِ بَانَ مِلْكُهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute