وَإِلَّا فَلَا، وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمَنْقُولِ.
وَلَوْ كَانَ فِيهَا كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ وَأَرَادَهُ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنَازَعْ أُعْطِيَهُ، وَإِلَّا قُسِّمَتْ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أُقْرِعَ.
وَالصَّحِيحُ أَنْ سَوَادَ الْعِرَاقِ فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِّمَ ثُمَّ بَذَلُوهُ وَوُقِفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَخَرَاجُهُ أُجْرَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِالِاسْتِيلَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ، أَوْ أَعْرَضُوا عَنْهَا (فَلَا) يَمْلِكُونَهَا (وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِالِاسْتِيلَاءِ) عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ، وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلَهُ (كَالْمَنْقُولِ) لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْعَقَارِ بِالِاسْتِيلَاءِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَنْقُولِ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِمَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَنْقُولُ كَانَ أَوْضَحَ، وَخَرَجَ بِالْعَقَارِ مَوَاتُهُمْ فَلَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ إذْ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْإِحْيَاءِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
(وَلَوْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ) لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَأَرَادَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ مِنْ أَهْلِ خُمْسٍ أَوْ جِهَادٍ (وَلَمْ يُنَازَعْ) فِيهِ بِفَتْحِ الزَّايِ بِخَطِّهِ (أُعْطِيَهُ) إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَازَعَهُ غَيْرُهُ (قُسِّمَتْ) تِلْكَ الْكِلَابُ عَدَدًا (إنْ أَمْكَنَ) قِسْمَتُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فِيهَا دَفْعًا لِلنِّزَاعِ. أَمَّا مَا لَا تَنْفَعُ فَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهَا.
(وَالصَّحِيحُ) الْمَنْصُوصُ (أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ) مِنْ الْبِلَادِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ أَزْيَدُ مِنْ الْعِرَاقِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا كَمَا قَالَهُ: الْمَاوَرْدِيُّ: وَسُمِّيَ سَوَادًا لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ الْبَادِيَةِ فَرَأَوْا خُضْرَةَ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ الْمُلْتَفَّةِ، وَالْخُضْرَةُ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا. فَقَالُوا مَا هَذَا السَّوَادُ، وَلِأَنَّ بَيْنَ اللَّوْنَيْنِ تَقَارُبًا فَيُطْلَقُ اسْمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرَ (فُتِحَ) فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ الْعِينِ: أَيْ قَهْرًا وَغَلَبَةً (وَقُسِّمَ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ (ثُمَّ) بَعْدَ قِسْمَتِهِ وَاخْتِيَارِ تَمَلُّكِهِ (بَذَلُوهُ) بِمُعْجَمَةٍ: أَيْ أَعْطَوْهُ لِعُمَرَ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَوُقِفَ) بَعْدَ اسْتِرْدَادِهِ دُونَ أَبْنِيَتِهِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ حُكْمُهَا (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ خَافَ تَعَطُّلَ الْجِهَادِ بِاشْتِغَالِهِمْ بِعِمَارَتِهِ لَوْ تَرَكَهُ بِأَيْدِيهِمْ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْسِنْ قَطْعَ مَنْ بَعْدَهُمْ عَنْ رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَأَجَرَهُ مِنْ أَهْلِهِ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً بِالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ عَلَى خِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَجُوِّزَتْ كَذَلِكَ
لِلْمَصْلَحَةِ
الْكُلِّيَّةِ. قَالَ: الْعُلَمَاءُ: لِأَنَّهُ بِالِاسْتِرْدَادِ رَجَعَ إلَى حُكْمِ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِالْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا لَا يَجُوزُ فِي أَمْوَالِنَا كَمَا يَأْتِي مِثْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ، وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهِمَا.
تَنْبِيهٌ: مَعْلُومٌ أَنَّ الْبَدَلَ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يُمْكِنُ بَذْلُهُ كَالْغَانِمِينَ وَذَوِي الْقُرْبَى إنْ انْحَصَرُوا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْخُمْسِ فَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ فِي وَقْفِ حَقِّهِمْ إلَى بَذْلٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِأَهْلِهِ (وَخَرَاجُهُ) الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ (أُجْرَةٌ) مُنَجَّمَةٌ (تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ السَّوَادِ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَهِبَتُهُ لِكَوْنِهِ صَارَ وَقْفًا، وَلَهُمْ إجَارَتُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَا مُؤَبَّدَةً كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ، وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي إجَارَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ سَاكِنِهِ إزْعَاجُهُمْ عَنْهُ وَيَقُولُ: أَنَا أَسْتَغِلُّهُ وَأُعْطِي الْخَرَاجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute