وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ إلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ طُولًا، وَمِنْ الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ عَرْضًا قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ غَرْبِيِّ دِجْلَتِهَا وَمَوْضِعِ شَرْقِيِّهَا.
ــ
[مغني المحتاج]
لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا بِالْإِرْثِ الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدِ بَعْضِ آبَائِهِمْ مَعَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ.
تَنْبِيهٌ: كَانَ قَدْرُ الْخَرَاجِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا فَرَضَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ لَمَّا بَعَثَهُ عُمَرُ مَاسِحًا، وَهُوَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ شَعِيرٍ دِرْهَمَانِ، وَجَرِيبِ حِنْطَةٍ أَرْبَعَةٌ، وَجَرِيبِ شَجَرٍ وَقَصَبِ سُكَّرٍ سِتَّةٌ، وَجَرِيبِ نَخْلٍ ثَمَانِيَةٌ، وَجَرِيبِ كَرْمٍ عَشْرَةٌ وَجَرِيبِ زَيْتُونٍ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ، كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِالْهَاشِمِيِّ، كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتُ، كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ، فَالْجَرِيبُ مَسَّاحَةٌ مُرَبِّعَةٌ، بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا هَاشِمِيًّا. وَقَالَ: فِي الْأَنْوَارِ: الْجَرِيبُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ. قَالَ: الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ مَبْلَغُ ارْتِفَاعُ خَرَاجِ السَّوَادِ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَنَاقَصَ إلَى أَنْ بَلَغَ فِي أَيَّامِ الْحَجَّاجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِظُلْمِهِ وَغَشَمِه فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ارْتَفَعَ بِعَدْلِهِ وَعِمَارَتِهِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى إلَى ثَلَاثِينَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَى سِتِّينَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ: إنْ عِشْتُ لَأَزِيدَنَّهُ إلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.
(وَهُوَ) أَيْ سَوَادُ الْعِرَاقِ بِاتِّفَاقِ مُصَنِّفِي الْفُتُوحِ وَالتَّارِيخِ زَمَنَ عُرِفَ أَسْمَاءُ الْبُلْدَانِ (مِنْ) أَوَّلِ (عَبَّادَانَ) بِمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةٍ: مَكَانٌ قُرْبَ الْبَصْرَةِ (إلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ (طُولًا) وَقُيِّدَتْ الْحَدِيثَةُ بِالْمَوْصِلِ لِإِخْرَاجِ حَدِيثَةِ أُخْرَى عِنْدَ بَغْدَادَ، سُمِّيَتْ الْمَوْصِلَ؛ لِأَنَّ نُوحًا وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى الْجُودِيِّ أَرَادُوا أَنْ يَعْرِفُوا قَدْرَ الْمَاءِ الْمُتَبَقَّى عَلَى الْأَرْضِ فَأَخَذُوا حَبْلًا وَجَعَلُوا فِيهِ حَجَرًا ثُمَّ دَلَّوْهُ فِي الْمَاءِ فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغُوا مَدِينَةَ الْمَوْصِلِ، فَلَمَّا وَصَلَ الْحَجَرُ سُمِّيَتْ الْمَوْصِلَ. ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ عَرْضِ السَّوَادِ بِقَوْلِهِ (وَمِنْ) أَوَّلِ (الْقَادِسِيَّةِ) اسْمُ مَكَان بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُوفَةِ نَحْوَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَبَيْنَ بَغْدَادَ نَحْوَ خَمْسِ مَرَاحِلَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْمًا مِنْ قَادِسَ نَزَلُوهَا (إلَى) آخِرَ (حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ (عَرْضًا) هَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ: فِي الشَّرْحِ: فِيهِ تَسَاهُلٌ؛ لِأَنَّ الْبَصْرَةَ كَانَتْ سَبِخَةً أَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي هَذَا الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فَلِذَلِكَ اسْتَدْرَكَ الْمُصَنِّفُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْفَتْحِ أَفْصَحُ: مَدِينَةٌ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ زَمَنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُعْبَدْ بِهَا صَنَمٌ قَطُّ، وَيُقَالُ لَهَا قُبَّةُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَقْوَمُ الْبِلَادِ قِبْلَةً، وَهِيَ (وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ) الْمُضَافِ إلَى الْعِرَاقِ (فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ غَرْبِيِّ دِجْلَتِهَا) بِكَسْرِ الدَّالِ: نَهْرٌ مَشْهُورٌ بِالْعِرَاقِ (وَ) إلَّا (فِي مَوْضِعِ شَرْقِيِّهَا) يُسَمَّى الْفُرَاتَ، وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute