للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ فُتِحَتْ بِدَلَالَتِهِ أُعْطِيَهَا، أَوْ بِغَيْرِهَا فَلَا فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجُعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَيُجْبَرُ الْعِلْجُ عَلَى الْقَبُولِ، وَسَوَاءٌ حَصَلَ بِالدَّلَالَةِ كُلْفَةٌ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ نَازِلًا تَحْتَ قَلْعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةِ كَذَا فَلَهُ جَارِيَةٌ فَقَالَ: الْعِلْجُ هِيَ هَذِهِ اسْتَحَقَّ الْجَارِيَةَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. فَإِنْ قِيلَ: مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَعَالَةِ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُمْ شَرَطُوا التَّعَبَ وَلَا تَعَبَ هُنَا.

أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا التَّعَبَ هُنَا، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ الْعِلْجُ: الْقَلْعَةُ بِمَكَانِ كَذَا وَلَمْ يَمْشِ وَلَمْ يَتْعَبْ اسْتَحَقَّ الْجَارِيَةَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا هُنَا، وَقَدْ اسْتَثْنَوْا مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى كَلِمَةِ (لَا تَتْعَبْ) مَسْأَلَةَ الْعِلْجِ لِلْحَاجَةِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُبْهَمَةِ، وَهُوَ مَا فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَلَعَلَّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أُبْهِمَ فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، بَلْ الْجُمْهُورُ إنَّمَا صَوَّرَهُ بِالْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ يَكْثُرُ فِيهَا الْغَرَرُ، لَكِنْ مَعَ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ يَخِفُّ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَخَرَجَ بِالْعِلْجِ مَا لَوْ عَاقَدَ مُسْلِمًا بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنْوَاعَ غَرَرٍ فَلَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ وَاحْتُمِلَتْ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِ قِلَاعِهِمْ وَطُرُقِهِمْ غَالِبًا، وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ وَالدَّلَالَةُ نَوْعٌ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ الْجَوَازُ، وَقَالَ: فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ: الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ كَشَرْطِ النَّفْلِ فِي الْبَرَاءَةِ وَالرَّجْعَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ عَمَّا إذَا قَالَ: الْإِمَامُ وَلَهُ جَارِيَةٌ مِمَّا عِنْدِي مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِالْجُعْلِ كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْجَارِيَةِ مِثَالٌ، وَلَوْ قَالَ: جُعْلٌ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ لِكَانَ أَشْمَلَ (فَإِنْ فُتِحَتْ) أَيْ الْقَلْعَةُ عَنْوَةً بِمَنْ عَاقَدَهُ (بِدَلَالَتِهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتَحَهَا وَفِيهَا الْجَارِيَةُ الْمُعَيَّنَةُ أَوْ الْمُبْهَمَةُ حَيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ إسْلَامِهِ (أُعْطِيَهَا) وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهَا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالشَّرْطِ قَبْلَ الظَّفَرِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُعْطَاهَا مَتَى فُتِحَتْ بِدَلَالَتِهِ وَلَوْ فِي وَقْتٍ آخَرَ كَأَنْ تَرَكْنَاهَا ثُمَّ عُدْنَا إلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) فُتِحَتْ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَاقَدَهُ وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ أَوْ مِمَّنْ عَاقَدَهُ لَكِنْ (بِغَيْرِهَا) أَيْ دَلَالَتِهِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِانْتِفَاءِ مُعَاقَدَتِهِ مَعَ مَنْ فَتَحَهَا. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْقَصْدَ الدَّلَالَةُ الْمُوصِلَةُ إلَى الْفَتْحِ وَلَمْ تُوجَدْ. وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهَا لِدَلَالَتِهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ) تِلْكَ الْقَلْعَةُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مُقَيَّدٌ بِشَيْئَيْنِ: الدَّلَالَةُ وَالْفَتْحُ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجُعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) لِوُجُودِ الدَّلَالَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ تَسْلِيمَهَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْفَتْحِ فَالشَّرْطُ مُقَيَّدٌ بِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَفْظًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>