فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ، أَوْ بَعْدَ الظَّفَرِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَجَبَ بَدَلٌ، أَوْ قَبْلَ ظَفَرٍ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ، وَهُوَ أُجْرَةُ مِثْلٍ، وَقِيلَ قِيمَتُهَا..
ــ
[مغني المحتاج]
أَمَّا إذَا عَلَّقَ الْجُعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْقَلْعَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ: الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ فَتْحُهَا بِلَا خِلَافٍ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ) أَصْلًا (أَوْ) كَانَتْ وَلَكِنْ (مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِفَقْدِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ) مَاتَتْ (بَعْدَ) الْعَقْدِ وَ (الظَّفَرِ) بِهَا (وَجَبَ بَدَلٌ) عَنْهَا جَزْمًا؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ، فَالتَّلَفُ مِنْ ضَمَانِهِ (أَوْ) مَاتَتْ (قَبْلَ ظَفَرٍ) بِهَا (فَلَا) بَدَلَ عَنْهَا (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا، وَالثَّانِي تَجِبُ، وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ عُلِّقَ بِهَا وَهِيَ حَاصِلَةٌ ثُمَّ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا، وَهُرُوبُهَا قَبْلَ الظَّفَرِ بِهَا كَمَوْتِهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) دُونَ الْعِلْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ ظَفَرٍ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ شِرَاءِ الْكَافِرِ مُسْلِمًا. قَالَ: الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالظَّفَرِ وَقَدْ كَانَتْ إذْ ذَاكَ كَافِرَةً فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهَا، كَمَا لَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ، لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ، بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ، لَكِنْ هُنَاكَ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ، وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَهُنَا جَعَالَةٌ جَائِزَةٌ مَعَ الْمُسَامَحَةِ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي غَيْرِهَا فَلَا تَلْحَقُ بِغَيْرِهَا. أَمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ، وَبِأَنَّهَا قَدْ فَاتَتْهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيه، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّف بِغَيْرِ التَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ اسْتِحْقَاقَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا (وَهُوَ) أَيْ الْبَدَلُ فِي الْجَارِيَةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ وَجَبَ (أُجْرَةُ مِثْلٍ) فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمَحِلُّهُ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، وَلَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ. وَأَمَّا الْمُبْهَمَةُ فَإِنْ وَجَبَ الْبَدَلُ فِيهَا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَجْهُولِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: تُسَلَّمُ إلَيْهِ قِيمَةُ مَنْ تُسَلَّمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، قَالَهُ الشَّيْخَانِ. وَالثَّانِي أَوْجَهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. أَمَّا إذَا فُتِحَتْ الْقَلْعَةُ صُلْحًا بِدَلَالَتِهِ فَيُنْظَرُ إنْ دَخَلَتْ الْجَارِيَةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الْأَمَانِ وَلَمْ يَرْضَ أَصْحَابُ الْقَلْعَةِ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ، وَلَا رَضِيَ الْعِلْجُ بِعِوَضِهَا، وَأَصَرُّوا عَلَى ذَلِكَ نَقَضْنَا الصُّلْحَ وَبُلِّغُوا الْمَأْمَنَ بِأَنْ يُرَدُّوا إلَى الْقَلْعَةِ ثُمَّ يُسْتَأْنَفُ الْقِتَالُ، وَإِنْ رَضِيَ أَصْحَابُ الْقَلْعَةِ بِتَسْلِيمِهَا بِقِيمَتِهَا دَفَعْنَا لَهُمْ الْقِيمَةَ، وَهَلْ هِيَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ: الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْأَمَانِ بِأَنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَمَانِ صَاحِبِ الْقَلْعَةِ وَأَهْلِهِ وَلَمْ تَكُنْ الْجَارِيَةُ مِنْهُمْ سُلِّمَتْ إلَى الْعِلْجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute