للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..

....

....

....

..

ــ

[مغني المحتاج]

خَاتِمَةٌ: فِيهَا مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ: لَوْ صَالَحَ زَعِيمُ قَلْعَةٍ وَهُوَ سَيِّدُ أَهْلِهَا عَلَى أَمَانِ مِائَةٍ مِنْهُمْ صَحَّ وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُهُمْ وَصِفَاتُهُمْ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَإِنْ عَدَّ مِائَةً غَيْرَ نَفْسِهِ جَازَ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمِائَةِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَاصَرَ مَدِينَةً فَصَالَحَهُ دُهْقَانُهَا عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْمَدِينَةَ وَيُؤَمِّنَ مِائَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ: أَبُو مُوسَى: اللَّهُمَّ أَمِّنْهُ نَفْسَهُ، فَلَمَّا عَزَلَهُمْ قَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى أَفَرَغْت؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَّنَهُمْ وَأَمَرَ بِقَتْلِ الدُّهْقَانِ، فَقَالَ: أَتَغْدِرُنِي وَقَدْ أَمَّنْتَنِي قَالَ: أَمَّنْتُ الْعِدَّةَ الَّتِي سَمَّيْتَ وَلَمْ تُسَمِّ نَفْسَكَ، فَنَادَى بِالْوَيْلِ، وَبَذَلَ مَالًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ وَقَتَلَهُ، وَيَسْقُطُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ حَدُّ الزِّنَا عَنْهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ لِآيَةِ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ لَهُ تَعَالَى، وَلَا تَسْقُطُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَظِهَارٍ وَقَتْلٍ كَالدَّيْنِ، وَعَلَيْهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ رَدُّ مَالِ مُسْلِمٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ. فَإِنْ غَنِمْنَاهُ وَلَوْ مَعَ أَمْوَالِهِمْ رُدَّ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ خَرَجَ لِوَاحِدٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ رَدَّهُ أَيْضًا لِمَالِكِهِ وَغَرِمَ لَهُ الْإِمَامُ بَدَلَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ. وَلَوْ اسْتَوْلَدَ الْكَافِرُ جَارِيَةَ مُسْلِمٍ ثُمَّ وَقَعَتْ فِي الْغُنْمِ أَخَذَهَا وَوَلَدَهَا مَالِكُهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا، وَيُنْدَبُ لَهُ عَدَمُ أَخْذِهَا.

وَلَوْ نَكَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمَةً، أَوْ أَصَابَهَا بِشُبْهَةٍ وَوَلَدَتْ مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ لِلشُّبْهَةِ، ثُمَّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِمْ لَمْ يَرِقَّ الْوَلَدُ كَأُمِّهِ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لَهَا، وَلَوْ وُجِدَ أَسِيرٌ بِدَارِنَا فَادَّعَى الْإِسْلَامَ أَوْ الذِّمَّةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، بِخِلَافِ أَسِيرٍ وُجِدَ بِدَارِ الْحَرْبِ، لَوْ غَنِمْنَا رَقِيقًا مُسْلِمًا اشْتَرَاهُ كَافِرٌ مِنْ مُسْلِمٍ رُدَّ لِبَائِعِهِ وَرَدَّ بَائِعُهُ الثَّمَنَ لِلْكَافِرِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ.

وَفِدَاءُ الْأَسِيرِ مَنْدُوبٌ لِلْآحَادِ، فَلَوْ قَالَ: شَخْصٌ لِلْكَافِرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَسِيرِ: أَطْلِقْهُ وَلَك عَلَيَّ كَذَا لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَسِيرِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ إذَا غَرِمَهُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ كَقَوْلِ الْمَدِينِ لِغَيْرِهِ اقْضِ دَيْنِي، وَلَوْ قَالَ: الْأَسِيرُ لِلْكَافِرِ: أَطْلِقْنِي بِكَذَا، أَوْ قَالَ: لَهُ الْكَافِرُ: افْدِ نَفْسَكَ بِكَذَا فَقَبِلَ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ لَهُمْ مَالًا لِيُطْلِقُوهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَمِنْ أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَهُ خُذْ هَذَا وَابْعَثْ لَنَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَقَالَ: نَعَمْ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ مُكْرَهًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى صُورَتُهُ أَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى أَنْ يُطْلِقَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ إلَيْهِ مَالًا كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الدَّارِمِيُّ، وَهُنَا عَاقَدَهُ عَلَى رَدِّ الْمَالِ عَيْنًا. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا عَقْدَ فِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ.

وَلَوْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا اُفْتُدِيَ بِهِ الْأَسِيرُ لَزِمَهُمْ رَدُّهُ لِلْمُفَادِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ، وَأَمَانُهُ مُخْتَصٌّ بِبَلَدٍ بُلِّغَ مَأْمَنَهُ، فَإِنْ كَانَ أَمَانُهُ عَامًّا لَمْ يَجِبْ تَبْلِيغُهُ مَأْمَنَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَتَّصِلُ بِبِلَادِنَا مِنْ بِلَادِهِمْ مِنْ مَحِلِّ أَمَانِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُدَّةِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِ الْأَمَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>