للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، مِنْهُ فَإِنْ اسْتَأْذَنَ أَذِنَ إنْ كَانَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَرِسَالَةٍ وَحَمْلِ مَا نَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا.

وَلَا يُقِيمُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

وَيُمْنَعُ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ،

ــ

[مغني المحتاج]

(وَلَوْ دَخَلَهُ) كَافِرٌ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَخْرَجَهُ) مِنْهُ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ (وَعَزَّرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ) لِجَرَاءَتِهِ وَدُخُولِ مَا لَيْسَ لَهُ دُخُولُهُ. فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ أُخْرِجَ وَلَمْ يُعَزَّرْ (فَإِنْ اسْتَأْذَنَ) كَافِرٌ الْإِمَامَ فِي دُخُولِ الْحِجَازِ (أَذِنَ) لَهُ (إنْ كَانَ) فِي دُخُولِهِ (مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَرِسَالَةٍ) يُؤَدِّيهَا وَعَقْدِ ذِمَّةٍ وَهُدْنَةٍ (وَحَمْلِ مَا نَحْتَاجُ) نَحْنُ (إلَيْهِ) مِنْ طَعَامٍ وَمَتَاعٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَةٌ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ (فَإِنْ كَانَ) دُخُولُهُ (لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ) كَالْعِطْرِ (لَمْ يَأْذَنْ) لَهُ الْإِمَامُ فِي دُخُولِ الْحِجَازِ (إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا، وَقَدْرُ الْمَشْرُوطِ مَنُوطٌ بِرَأْيِ الْإِمَامِ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ الْقِبْطِ إذَا تَجَرُوا إلَى الْمَدِينَةِ عُشْرَ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ كَالْقَطِيفَةِ، وَيَأْخُذُ نِصْفَ الْعُشْرِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي حَمْلِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا.

وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا رَسُولًا أَوْ بِتِجَارَةٍ نُضْطَرُّ نَحْنُ إلَيْهَا. فَإِنْ لَمْ نُضْطَرَّ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ أَخَذَ شَيْءٍ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ عُشْرِهَا جَازَ وَيَجُوزُ دُونَهُ، وَفِي نَوْعٍ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ وَلَوْ أَعْفَاهُمْ جَازَ. فَإِنْ شَرَطَ عُشْرَ الثَّمَنِ أُمْهِلُوا إلَى الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تِجَارَتِهِمْ، وَمَا يُؤْخَذُ فِي الْحَوْلِ لَا يُؤْخَذُ إلَّا مَرَّةً وَلَوْ تَرَدَّدَ، وَوُلَاةُ الْمِكَاسَةِ تَفْعَلُ بِالْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ، وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ تِجَارَةِ ذِمِّيِّ وَلَا ذِمِّيَّةٍ إلَّا إنْ شُرِطَ مَعَ الْجِزْيَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُتَّجِرٍ دَخَلَ بِأَمَانٍ وَإِنْ دَخَلَ الْحِجَازَ، وَيُكْتَبُ لِمَنْ أُخِذَ مِنْهُ بَرَاءَةٌ حَتَّى لَا يُطَالَبَ مَرَّةً أُخْرَى قَبْلَ الْحَوْلِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الدُّخُولِ لِلتِّجَارَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ خَصَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالذِّمِّيِّ، وَقَالَ إنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ دُخُولِ الْحِجَازِ لِلتِّجَارَةِ (وَ) إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي الدُّخُولِ (لَا يُقِيمُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَا يَحْسِبُ مِنْهَا يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا، وَيَشْتَرِطُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ، بَلْ يُوَكِّلُ مَنْ يَقْضِي عَنْهُ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَنْعِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. أَمَّا لَوْ أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ، وَهَكَذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْوَافِي: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ مَوْضِعَيْنِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ.

(وَيُمْنَعُ) الْكَافِرُ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ (دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨] وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَرَمُ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ بِدَلِيلِ، قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: ٢٨] أَيْ فَقْرًا بِانْقِطَاعِ التِّجَارَةِ عَنْكُمْ لِمَنْعِهِمْ مِنْ الْحَرَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>