وَلَوْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فَخَالَفُوا لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَهْدُ.
وَلَوْ قَاتَلُونَا أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ انْتَقَضَ.
وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ، أَوْ دَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ، أَوْ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ، أَوْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسُوءٍ
ــ
[مغني المحتاج]
أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا وَمَتَى أَظْهَرُوا خُمُورَهُمْ أُرِيقَتْ، وَقِيَاسُهُ إتْلَافُ النَّاقُوسِ إذَا أَظْهَرُوهُ، وَإِذَا فَعَلُوا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ أُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ، وَذَلِكَ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُمَا مُحَرَّمَانِ عِنْدَهُمْ كَشَرْعِنَا، بِخِلَافِ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ كَشُرْبِ الْخَمْرِ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ بِشُرْبِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْإِظْهَارِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَكَذَا إذَا انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
فُرُوعٌ: يُمْنَعُونَ أَيْضًا مِنْ إظْهَارِ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ، وَمِنْ النَّوْحِ وَاللَّطْمِ، وَمِنْ إسْقَاءِ مُسْلِمٍ خَمْرًا، وَمِنْ إطْعَامِهِ خِنْزِيرًا، وَمِنْ رَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ اسْتِبْذَالِهِمْ إيَّاهُمْ فِي الْخِدْمَةِ بِأُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ أَظْهَرُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عُزِّرُوا، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ (وَلَوْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ) مِنْ إحْدَاثِ الْكَنِيسَةِ فَمَا بَعْدَهُ فِي الْعَقْدِ: أَيْ شَرْطُ نَفْيِهَا (فَخَالَفُوا) ذَلِكَ بِإِظْهَارِهَا (لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَهْدُ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيهَا بِخِلَافِ الْقِتَالِ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَحَمَلُوا الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ عَلَى تَخْوِيفِهِمْ.
(وَلَوْ قَاتَلُونَا) وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ (أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ) أَدَاءِ (الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ) عَلَيْهِمْ (انْتَقَضَ) عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضُ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ شُبْهَةٌ كَأَنْ أَعَانُوا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَادْعُوَا الْجَهْلَ أَوْ صَالَ عَلَيْهِمْ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَلَصِّصِي الْمُسْلِمِينَ وَقُطَّاعِهِمْ فَقَاتَلُوهُمْ دَفْعًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا، وَسَوَاءٌ كَانَ امْتِنَاعُهُمْ مِنْ أَصْلِ الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ. تَنْبِيهٌ: هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ. أَمَّا الْعَاجِزُ إذَا اُسْتُمْهِلَ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَبْعُدُ أَخْذُهَا مِنْ الْمُوسِرِ قَهْرًا وَلَا يُنْتَقَضُ وَيُخَصُّ بِالْمُتَغَلِّبِ الْمُقَاتِلُ وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يُؤْثَرُ عَدَمُ الِانْقِيَادِ لِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِقُوَّةٍ وَعِدَّةٍ وَنَصْبٍ لِلْقِتَالِ. وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ هَارِبًا فَلَا يُنْتَقَضُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
(وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ) مَعَ عِلْمِهِ بِإِسْلَامِهَا حَالَ الزِّنَا، وَسَيَأْتِي جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ إلَخْ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّانِي بِإِسْلَامِهَا كَمَا لَوْ عَقَدَ عَلَى كَافِرَةٍ فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَصَابَهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ (أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ) أَيْ بِاسْمِهِ أَوْ لَاطَ بِغُلَامٍ مُسْلِمٍ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا قَتْلًا يُوجِبُ قِصَاصًا، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهِ كَذِمِّيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا عَلَى مُسْلِمٍ (أَوْ دَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ) أَيْ خَلَلٍ (لِلْمُسْلِمِينَ) الْمَوْجُودِ فِيهِمْ بِسَبَبِ ضَعْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ آوَى جَاسُوسًا لَهُمْ (أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ) أَوْ قَذَفَ مُسْلِمًا أَوْ دَعَاهُ إلَى دِينِهِمْ (أَوْ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ) سَبَّ اللَّهَ أَوْ (ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامِهِ عَلَيْهِمْ (بِسُوءٍ) مِمَّا لَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute