فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ امْتَنَعَ الرِّقُّ.
وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَالصَّبِيَّانِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ.
ــ
[مغني المحتاج]
مَا أَوْجَبَ الِانْتِقَاضَ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَوْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا أَقَمْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرُهُ فِي الْحَدِّ، وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " أَنَّهُ صَلَبَ يَهُودِيًّا زَنَى بِمُسْلِمَةٍ "، أَمَّا إذَا سَأَلَ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ فَتَجِبُ إجَابَتُهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ) مَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) مِنْ الْإِمَامِ لِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (امْتَنَعَ) الْقَتْلُ، وَ (الرِّقُّ) وَالْفِدَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ، وَلَهُ أَمَانٌ مُتَقَدِّمٌ فَخَفَّ أَمْرُهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَعَيَّنَ مَنْ كَانَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ.
(وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ، وَ) أَمَانُ (الصَّبِيَّانِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ الْأَمَانُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ نَاقِضٌ فَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ، وَيَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ فِي دَارِنَا. وَالثَّانِي يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا تَبَعًا فَيَزُولُ بِزَوَالِ الْأَصْلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبُوا الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ.
أُجِيبَ النِّسَاءُ دُونَ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِاخْتِيَارِهِمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِنْ طَلَبَهُمْ مُسْتَحِقُّ الْحَضَانَةِ أُجِيبَ، فَإِنْ بَلَغُوا وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ فَذَاكَ، وَإِلَّا أُلْحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ. تَنْبِيهٌ: الْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ، وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ (وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ) عَلَى الْمَذْهَبِ (الْمَأْمَنَ) السَّابِقَ تَفْسِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ خِيَانَةٌ، وَلَا مَا يُوجِبُ نَقْضَ عَهْدِهِ فَبَلَغَ مَكَانًا يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى بِلَادِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِتِجَارَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَإِنْ رَجَعَ لِلِاسْتِيطَانِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَلَوْ رَجَعَ وَمَاتَ فِي بِلَادِهِ وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْإِمَامُ هَلْ انْتَقَلَ لِلْإِقَامَةِ فَهُوَ حَرْبِيٌّ، أَوْ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ.
أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي رُجُوعِهِ إلَى بِلَادِهِ الْإِقَامَةُ. فَائِدَةٌ: رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ عَاشَ إبْرَاهِيمُ لَعَتَقْت أَخْوَالَهُ، وَلَوَضَعْت الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ قِبْطِيٍّ» وَرُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ كَلَّمَ مُعَاوِيَةَ فِي أَهْلِ قَرْيَةِ أُمِّ إبْرَاهِيمَ فَسَامَحَهُمْ بِالْجِزْيَةِ إكْرَامًا لِسَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ: لَوْ عَاشَ إبْرَاهِيمُ لَكَانَ نَبِيًّا بَاطِلٌ. خَاتِمَةٌ: الْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ اسْمَ مَنْ عَقَدَ لَهُ وَدِينَهُ وَحِلْيَتَهُ، وَيَتَعَرَّضَ لِسِنِّهِ أَهُوَ شَيْخٌ أَمْ شَابٌّ، وَيَصِفَ أَعْضَاءَهُ الظَّاهِرَةَ مِنْ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ وَحَاجِبِيهِ وَعَيْنَيْهِ وَشَفَتَيْهِ وَأَنْفِهِ وَأَسْنَانِهِ وَآثَارِ وَجْهِهِ إنْ كَانَ فِيهِ آثَارٌ وَلَوْنُهُ مِنْ سُمْرَةٍ وَشُقْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَيَجْعَلَ لِكُلٍّ مِنْ طَوَائِفِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute