وَلَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ حَلَّ وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ فَاعْتَرَضَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ سِرْبَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَلَّتْ، وَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً فَأَصَابَ غَيْرَهَا حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
يَنْزَجِرْ أَوْ لَمْ يَزْجُرْهُ بَلْ أَغْرَاهُ فَزَادَ عَدْوُهُ وَأَخَذَ صَيْدًا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجَارِحِ، وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَخْذُ الصَّيْدِ مِنْ فَمِ جَارِحٍ مُعَلَّمٍ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ وَيَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ كَمَا لَوْ أَخَذَ فَرْخَ طَائِرٍ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ لَا مِنْ فَمِ غَيْرِ مُعَلَّمٍ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ مَا صَادَهُ مِلْكُ صَاحِبِهِ تَنْزِيلًا لِإِرْسَالِهِ مَنْزِلَةَ نَصْبِ شَبَكَةٍ تَعَلَّقَ بِهَا الصَّيْدُ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ فَازْدَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مَجُوسِيٍّ حَلَّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ فَأَغْرَاهُ مُسْلِمٌ حَرُمَ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ أَصَابَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ) مَثَلًا (حَلَّ) سَوَاءٌ اقْتَرَنَ الرِّيحُ بِابْتِدَاءِ رَمْيِ السَّهْمِ أَوْ هَجَمَ الرِّيحُ قَبْلَ خُرُوجِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ هُبُوبِهَا، بِخِلَافِ حَمْلِهَا الْكَلَامَ حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ.
تَنْبِيهٌ: أَشَارَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ بِإِعَانَتِهَا إلَى أَنَّهُ لَوْ صَارَتْ الْإِصَابَةُ مَنْسُوبَةً إلَى الرِّيحِ خَاصَّةً لَمْ يَحِلَّ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ أَصَابَ السَّهْمُ الْأَرْضَ أَوْ جِدَارًا أَوْ حَجَرًا فَازْدَلَفَ وَنَفَذَ فِيهِ أَوْ انْقَطَعَ الْوَتَرُ عِنْدَ نَزْعِ الْقَوْسِ فَصُدِمَ الْفَوْقُ فَارْتَمَى السَّهْمُ وَأَصَابَ الصَّيْدَ فِي الْجَمِيعِ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ فِعْلِ الرَّامِي مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، إذْ لَا اخْتِيَارَ لِلسَّهْمِ (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا) مَثَلًا (لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ) يَرْمِي إلَيْهِ (فَاعْتَرَضَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ) ذَلِكَ ٧ السَّهْمُ (حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صَيْدًا مُعَيَّنًا وَلَا مُبْهَمًا. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ نَظَرًا إلَى قَصْدِ الْفِعْلِ دُونَ مَوْرِدِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ مَا ظَنَّهُ ثَوْبًا فَبَانَ حَلْقَ شَاةٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ هُنَاكَ قَصَدَ عَيْنًا، بِخِلَافِهِ هُنَا.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: فَاعْتَرَضَهُ صَيْدٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ صَيْدٌ حَلَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الِاصْطِيَادِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، فَلَوْ قَالَ: لَا بِقَصْدٍ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى مَا لَا يُؤْكَلُ كَخِنْزِيرٍ فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ الْكَلْبَ حَيْثُ لَا صَيْدَ فَاعْتَرَضَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ لَمْ يَحِلَّ (وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا) أَوْ حَيَوَانًا لَا يُؤْكَلُ فَأَصَابَ صَيْدًا حَلَّ (أَوْ) رَمَى (سِرْبَ) بِكَسْرِ السِّينِ: أَيْ قَطِيعَ (ظِبَاءٍ) وَنَحْوِهَا مِنْ الْوُحُوشِ (فَأَصَابَ وَاحِدَةً) مِنْ ذَلِكَ السِّرْبِ (حَلَّتْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِفِعْلِهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ قَصَدَ السِّرْبَ، وَهَذِهِ مِنْهُ (وَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً) مِنْ السِّرْبِ (فَأَصَابَ غَيْرَهَا) مِنْهُ (حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْغَيْرُ عَلَى سَمْتِ الْأُولَى أَمْ لَا لِوُجُودِ قَصْدِ الصَّيْدِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ، وَلَوْ أَرْسَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute